هناك معضلة في البلد، يقولون لنا: “أوعا السمعة … دخيلكم السمعة” … ترتكب المعاصي ولكن لا تتحدثوا عنها لأنها تخدش السمعة ! جد يغتصب حفيدته حتى الموت ، والأم تتستر، خوفا على السمعة ! حضانة يعنف فيها الأطفال ، فتجري محاولات للفلفة، والسبب ” السمعة “… عصابات تمتاهن بيع الاطفال والإتجار بالقصر، ليس محليا فقط بل تنشط في تهريب البشر جوا الى اوروبا… أخوان يغتصبان شقيقتهما بمعرفة الوالدة التي تتستر لأن الشقيقين يعيلانها…
أحياء تنتشر فيها عصابات تختلف على ألعاب الميسر ، فيتطور الخلاف إلى معارك بالأسلحة الحربية ، وما يعني ذلك من ترويع للأهالي ، ويجري التكتم ، قدر المستطاع، على “الخبرية” لأن هناك ” السمعة ” … ترتفع احتجاجات المغتربين والمقيمين والسياح من هستيريا الأسعار في فنادق ومنتجعات ومطاعم وسوبرماركت، ولسان حال كثيرين من المغتربين : ” ما بقا نعيدا ونجي على لبنان”، فلا تتخذ إجراءات لئلا تخدش السمعة ، يوجه الوزراء المعنيون النداء تلو النداء لتكون الأسعار واقعية ، لكن ” لا حياة لمن تنادي”.
فعلا، نحن أمام معضلة، ماذا تقترح أيها المواطن؟ أن نقول لك إن الدنيا بألف خير أو نضيء على هذه الجرائم؟ أن نجلد الذات ونقول: ما في دولة؟ أو نقول: هذه الدولة أنت أوصلتها؟ أن نبقى عند ثقافة “حايدي عن ضهري بسيطة”؟ أو نعتبر أنفسنا أننا كلنا معنيون؟ إن الطفلة التي اغتصبها جدها ، يجب ان نتحرك جميعا كأنها طفلة أي منا ؟ إن الجمعية التي تتاجر بالأطفال يجب ان يعتبر الأطفال كأنهم من عائلاتنا. إن هستيريا الأسعار يجب ان تحفزنا على التحرك وعدم الإستكانة إلى حين تصحيح الوضع.
يجب أن يبدأ التصحيح من مكان ما، لا تقولوا من الدولة، لأن ليس هناك دولة، ومطلوب من كل منا أن يبدأ بالتفكير وبالعمل لأيجاد دولة تضع العقوبات أولوية في حق من سبق ذكرهم، وتكون العقوبات موجعة، لأن من دون عقوبات سيبقى الفلتان قائما، وسيبقى المجرمون، على كل المستويات، يتفرجون على ما ترتكبه أيديهم من جرائم، ولا من يحاسبهم. تريدون “رؤية 2030” للبنان؟ أذيلوا هذا الجدار من الفاسدين فتنقشع “الرؤية”. طبقوا القانون ب”سمعة” ومن دون “سمعة”… مجرم من لا يبلغ عن جريمة اغتصاب أو جريمة تعنيف أو جريمة مأكولات فاسدة أو جريمة فواتير ” ملغومة ” في مطعم أو فندق أو منتجع … الشفافية تبدأ من هنا ، ولا تحتاج إلى علم ومحاضرات وشهادات بل إلى ضمير ، والحوكمة تبدأ من هنا، أما ، إذا أراد الشعب أن يبقى صامتا ، مع كل ما يجري ن فلا يسعنا سوى القول : إذا كانت هذه هي الرؤية ، فلا تفتش لا عن ” رؤية 2030 ” ولا عن ” رؤية 2040 ” بل إبق حيث أنت في ” جورة الفساد “. غياب الرؤية ينطبق ايضا على ما سيحدث بعد الحادي والثلاثين من تموز ، موعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان : نواب الحاكم يحددون شروطا وإلا لا تحمل للمسؤولية ، فماذا سيكون عليه الموقف بعد اجتماع النائب الأول مع رئيس الحكومة بعد غد الاثنين؟
في الشأن السياسي ايضا ، موقف لافت لشيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى ، تطرق فيه ضمنا إلى مسألة رئيس الأركان في الجيش اللبناني، فتحدث عن خطر المماطلة في التجاذب وتفريغ المؤسسات، سائلا عن الميثاقية في شغور بعض المواقع الأساسية من أصحابها الأصيلين، “في استباحة موصوفة لا تليق بالعدالة ولا تطمئن المواطنين ولا تعزز ثقة الناس بدولتهم.” يأتي موقف شيخ العقل بعد ايام من زيارة النائب وائل أبو فاعور لوزير الدفاع ثم لقائد الجيش ، ويبدو أن بو فاعور مكلف من المختارة لمناقشة هذا الملف مع القيادة العسكرية.
البداية من غموض ما بعد انتهاء ولاية الحاكم، إذا انتهت.