بين السياسة والسياحة حرف، وهو يعمل كل الفرق:
في لبنان عندنا سياحة وليس عندنا سياسة، فلماذا نشتغل في ما ليس عندنا ونهمل ما عندنا؟
من قال إن البلد لا يعيش بالسياحة؟ فهل هو يعيش بالسياسة؟ اختبرناها ، فمات البلد ، تريدون إحياءه؟ عليكم بالسياحة:
إبدأوا بالمطار، لا تصح “أهلا بهالطلة” مع وجوه عابسة، الابتسامة لا تكلف شيئا بل تعود بمردود فابتسموا للضيف.
الدول تخترع سياحة لتجعل منها “بيزنس”، لأنها نفط المستقبل ، فحتى الدول النفطية تعتمد على السياحة لأنها الطاقة المستدامة التي لا تنضب، والطاقة النظيفة التي لا تسبب اي تلوث، لكن لهذا “البزنس” مستلزماته وشروطه، ويفترض بلبنان ان يوفرها، نحن بلد فيه كل انواع السياحة: السياحة التاريخية والتراثية، السياحة الدينية، السياحة المناخية، السياحة الغذائية، السياحة الثقافية، والسياحة الطبية.
من عنده بعلبك وجبيل وبيروت وصور وبيت الدين والأرز وطرابلس، كيف لا يكون بلدا غنيا مزدهرا يؤمن الرفاهية لشعبه؟ من عنده فيروز ووديع الصافي وصباح ونصري شمس الدين وزكي ناصيف وغيرهم، من الجيل العتيق والعريق، ووائل كفوري وراغب علامة وماجدة الرومي وكارول سماحة وهبة طوجي ونانسي عجرم وجوزيف عطيه، من الجيل المخضرم، ومن عنده فرقة المياس وفرقة كركلا، وهذه الكوكبة من أجيال الفن المتعاقبة، كيف لا يحافظ على تراثهم ويحييه كل يوم؟ من عنده جبران خليل جبران ومخايل نعيمه والاخطل الصغير والاخوان رحباني وعائلة الرحباني بأجيالها المتعاقبة، وروميو لحود وأمين معلوف ميشال طراد واسعد السبعلي وموريس عواد وطلال حيدر وفؤاد افرام البستاني، وغيرهم كثر، هل يخشى على نضوب السياحة الادبية والثقافية والفكرية؟
من عنده الصيف والشتاء في فصل واحد، البحر والجبل في ساعة واحدة، هل يخشى من غدر المناخ؟
لدينا بلد لا نعرف قيمته، خربناه بالسياسة، الا يستحق ان نعيد احياءه بالسياحة؟ لماذا لا نبادر؟ لماذا نستمر في جلد الذات؟ أينما حط اللبناني، يقولون له: أنت من بلاد جبران وفيروز. متى نتحول مواطنين كل واحد منا دليل سياحي يرحب بالضيف ويبتسم له؟
سيكون شعارنا الذي سنعمل له يوميا: لن نموت على البطيء، بل سنعيش لهفة الحياة وشغفها، في وطننا الجميل الذي اعطانا الكثير وستعطيه أكثر، وستكون الكلمة السحرية : السياحة لا السياسة.
لا تجلدوا أنفسكم ووطنكم، لبنان ليس فقط “يا قطعة سما” لبنان أيضا وقبل كل شيء “يا قطعة أرض، فلنحافظ عليها بالفعل وليس بالكلام، والخطوة الأولى في المحافظة عليها أن يقوم كل مواطن بما يلزم ، فإذا وجد خطأ فليبادر إلى تصحيحه، وإذا وجد نقصا فليكمله، ولنقلع عن “النق” وتكرار “ما في دولة”، فليقم كل منا بواجبه، ويكون المواطنون هم الدولة.
جربتم السياسة، خربتم البلد، فلنجرب السياحة لنبني ما خربتم.