غريب الشعب اللبناني، ينتفض لدينه، لعمامة شيخه وثوب راهبه، ينتفض لزعيمه أو رئيسه، لكنه أضعف من ان ينتفض لنفسه ولحقه. كاريكاتور من هنا، أو سكيتش من هناك، يمس بأحد هؤلاء، يكفي للنزول إلى الشارع، وتحت عباءة يا غيرة الدين، يختبئ الزعماء، ليقولوا في اتصالاتهم السرية: “مش قادرين نضب شارعنا”.
ما حصل مع قناة “الجديد”، في اليوم الأول من تأليف الحكومة، يشبه ما حصل سابقا مع الـ LBCI، وما قد يحصل في المستقبل مع أي وسيلة اعلامية. ما حصل يؤكد أننا في دولة اللادولة، تلك التي تخبئ الملفات القضائية في جوارير النسيان، لتتسرب منها الجريمة مرارا وتكرارا، الدولة التي يغلب فيها سياسيوها على بعض قضاتها. هذه الدولة، التي يريد كل اللبنانيين قيامتها، والتي أعلن مسؤولوها اليوم بدء مكافحة الفساد فيها، يعرف سياسيوها وقضاتها، أن أخطر ما يواجهها الفساد، وأن أخطر فاسديها، أقرب المقربين إلى حلقة نافذيها.
هذه الدولة، لكي نسترجعها، علينا أن نعيد إلى القضاء صحته، وإلى قضاتها مناعتهم، لأنه حينها، وحينها فقط، يعوض على اللبنانيين ما فاتهم، فيستعيدون تحررهم من كل شيء، ومن كل زعيم أو نافذ، فيتمسكون فقط بقدرتهم على الدفاع عن حقوقهم في دولة هي دولة القانون.
مشوار استعادة هذه الحقوق طويل، ومشوار استعادة الدولة كذلك، فالدولة لا تبنى بصياغة بيان وزاري، ولا بالوعود، إنما بالعمل على مواجهة التحديات، والإسراع في الإصلاحات، وضبط الهدر بدءا من ملف الكهرباء، وصولا إلى وقف النزف في ملف النزوح لتكون الخاتمة عندما يقف المسؤولون ليعلنوا كما قال شرشل: قضاؤنا أصبح بخير، يعني أن بلادنا عادت بخير.
على أمل ان تكون مكافحة الفساد بندا أساسا في البيان الوزاري، الذي حصلت الـ LBCI على مضمون مسودته.