سؤالان يطرحهما اللبناني كل يوم، وينتظر أجوبة عنهما:الأول، هل ستؤدي الإجراءات المتخذة أو التي ستتخذ إلى تفادي الإنهيار؟ والثاني، هل ملفات الهدر والفساد ستصل إلى خواتيمها بحيث يرى المتورطين في السجون مع رد المسروق؟ توقيت هذين السؤالين ليس لأننا في الأول من نيسان، بل لأنهما باتا الهاجس الأكبر، وقد أصبحا الممر الإلزامي لأي بصيص أمل .
فالإجراءات تنتظر الموازنة، والموازنة لم تنجز، والأرقام فيها مازالت أمنيات، والخفض في موازنات الرئاسات والوزارات والهيئات، مازالت تصاريح وبيانات ولم تدخل حيز التنفيذ بعد … وملفات الهدر والفساد يفتح منها كل يوم أكثر من ملف لكن المسار مازال في بداية الطريق… فهل يتحمل المريض ترف البطء والإنتظار؟
في كل يوم يتكشف الهدر في الموازنة تحت مسميات عدة: هبات وعطاءات ومساعدات وSponsor أو رعاية … وهذا يعني تقديم أموال من خزينة الدولة، يعني من جيب اللبناني لجمعيات غالبا ما تكون على رأسها زوجات رؤساء أحزاب أو رؤساء أو وزراء أو نواب، وكأن عمل الجمعيات لا يقوم إلا إذا كان على رأسها هذه السيدة او تلك، ولأن لا أحد من الواهبين او الذين يتلقون الهبة ” تعبانين ” بالأموال المقدمة، فإن السخاء لا حدود له ويصل إلى مليارات الليرات.
لنفترض هذا السيناريو: هل تقدم إلى طاولة مجلس الوزراء موازنة مشطوبة منها مليارات “العطاءات الخاصة” للجمعيات؟ وهل يمكن أن يكشف للرأي العام أي مسؤول يعترض على هذه الخطوة؟ هل يجرؤ أحد من الذين ينادون ليل نهار بالتقشف، ان يبدأوا بانفسهم وبرواتبهم وبالإعفاءات التي يتمتعون بها؟ هل تجرؤ السلطة التنفيذية أن تتخذ قرارا بقطع الكهرباء عن كل من يتلكأ عن دفع فاتورته مهما كلف الأمر .
وفي ملف الفساد …الفساد كثير وكبير والفاسدون أشباح، هل يعقل أن لا حديث، في الإعلام أو في السياسة أو في الصالونات أو في الخطب والبيانات والمهرجانات، سوى الحديث عن الفساد فيما لا وجود لفاسد؟ وإن وجد فإن الحمايات والحصانات تتأهب: هذا خط أحمر، وهذا يتمتع بحصانة، وهذا ملاحقته تعني المس بطائفته.
إنطلاقا من هذه الإستثناءات، من يلاحق إذا؟ هل يجوز أن تكون الحصانة لتحصين الفاسد في مواجهة القانون؟ وهل يجوز أن تكون الطائفة حصنا لحماية من يتلطون بالطائفة ضد مصلحة الدولة والقانون والشعب؟
حتى إشعار آخر، سيبقى اللبناني يطرح الأسئلة الآنفة الذكر ما لم يلمس إجراءات مالية على قدر دقة الوضع، وإجراءات قضائية في حق كبار وليس في حق صغار.