في الواحد والعشرين من آذار الفائت ألقى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كلمة في مؤتمر عن
الحوكمة …
أبرز ما جاء في كلمته تم تغريده على موقع مصرف لبنان على تويتر، ومما جاء في التغريدات: “قبل الحرب اللبنانية، كان القطاع العام يشكل %17 من الناتج المحلي. أما اليوم، بات هذا القطاع يستأثر بـ 35% من الناتج المحلي، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بحجم لبنان، وتلقي مسؤولية كبيرة على عاتق قياديي البلد”.
ثم أتبعت بتغريدة ثانية جاء فيها: “تشكل الادارة الحكيمة وسيلة لخفض عجز الموازنة، لا سيما أنه بعد شهرين من تشكيل الحكومة، لم تبحث في برامج إصلاحية تضع لبنان على مسار إصلاحي، مع أن الأسواق تترقب ذلك، ما أثار ردود فعل سلبية تجسدت بارتفاع الفوائد.”
إنتهى التغريد لتبدأ الحرب الباردة بين الحاكمية وقصر بعبدا.
فكلام الحاكم اعتبر موجها إلى القصر خصوصا عند الحديث عن ” قياديي البلد “. لم يأت الرد سريعا بل انتظر اسبوعين ليأتي على لسان الوزير منصور بطيش الذي عرف عن نفسه أنه يتحدث من موقعه وزيرا للإقتصاد وتيارا سياسيا إصلاحيا .
بطيش انتقد بعنف رياض سلامة بقوله: “أتوقف عند هواجس حاكم مصرف لبنان التي أتفهمها، لكن القانون حدد كيفية التعبير عن هذه الهواجس والتعامل معها. ليتابع متسائلا : هل هي مشكلة قطاع عام فقط؟ ألا يفترض إعادة النظر بالإدارة المالية والنقدية للدولة وتوضيح سياستها؟
بطيش انتقد السياسة النقدية للحاكم وتحديدا الهندسة المالية، فقال: الى الآن لم نطلع على تقرير شامل يوضح العمليات التي يقوم بها مصرف لبنان تحت عنوان “الهندسة المالية”. ما هي هذه العمليات؟ ولماذا تجري؟ وكم تبلغ تكلفتها؟ وهل نجحت بتحقيق أهدافها؟ وما هو أثرها على الاقتصاد والمالية العامة؟ لا يمكن تصور إصلاح جدي للمالية العامة لا يتضمن إصلاحا موازيا للسياسة النقدية.
الوضع يقف عند المنصة التالية: حاكم مصرف لبنان ينتقد السلطة السياسية. الوزير منصور بطيش، ممثل تيار سياسي، ينتقد السياسة المالية لمصرف لبنان. هل هي القلة التي تولد النقار؟ أم إن الموضوع يتعلق بخلاف جذري على السياسة المالية؟ أم السبب يعود إلى تبادل تحميل المسؤوليات ؟
ربما الجواب في كل هذه الأسباب مجتمعة، خصوصا ان ملف الإجراءات المالية والنقدية وصل إلى مرحلة لم يعد بالإمكان إيقافه، لا على مستوى مكافحة الفساد ولا على مستوى إجراءات التقشف المطلوبة.
فإذا كان درج الفساد يشطف من فوق، فإن سلم التقشف يبدأ من فوق، وعليه فحين يكون خفض الرواتب مطلبا من رئيس الجمهورية، وهو يبدأ بنفسه، فكم بالحري أن يكون المطلوب من الآخرين ” كلن يعني كلن ” أن يعلنوا الموافقة على خفض رواتبهم ومخصصاتهم.
شطف الدرج من فوق بدأ … والتقشف من رأس السلم سيبدأ …