سقط العقل بضربة التطرف.
اربع كلمات تختصر مأساتنا، من قبرشمون الى مشروع ليلى .
ما حصل مع ” مشروع ليلى”، ليس انتصارا الهيا، وليس هزيمة للحريات، انه نكسة .
صحيح ان اغنية ” جن ” اعتبرت مسا بمعتقدات الدين المسيحي او على الاقل أشعرت المسيحيين بالاساءة، لكن الصحيح ايضا ان الاغنية أخرجت الى العلن مجموعات خائفة، اتخذت من حماية الدين ملجأ، فتقوقعت، وبلغة الدم والتهديد والوعيد، أوصلت رسالة منع حفل جبيل.
هذه اللغة ليست جديدة على اللبنانيين، فهي سبق واستخدمت، في ما بات يعرف بغزوة الاشرفية، واسكتش السيد نصر الله في برنامج بسمات وطن، وتحت سطوتها منع بث اغاني ” فيروز ” في الجامعة اللبنانية، ومنعت الدبكة في زوطر الشرقية، وحرمت الكحول في طرابلس وفنيدق، وطلب وقف عرض برامج تلفزيونية ومقاطع سينمائية ومسرحية .
وقتها، قيل الكثير عن التخلف وضرورة حل هذه المسائل بوسائل حضارية، ونودي بحماية الحرية من سطوة السلاح، وعدم اثارة الغرائز الدينية.
هذا كان وقتها، ومن نادى بذلك هو نفسه اليوم من يريد فرض القيم بالقوة والتهديد بسفك الدماء.
فما الذي تغير بين الامس واليوم ؟
لا شيء، باستثناء ان الخفي اصبح مكشوفا، فالدولة العاجزة عن حماية كل ابنائها، بقوة الحق والقانون، انتجت مجموعات تتنافس بتطرفها، مجموعات تكاد تذهب بنا جميعا نحو الهاوية.
هذه الدولة العاجزة، كما نأت بنفسها عن “مشروع ليلى” نأت بنفسها عن تطبيق القانون في حادثة قبرشمون، وعلقت بتطرف الافرقاء المعنيين بالحادثة، فغرقت في البحث عن تسويات شهرا كاملا، حتى خلصت كعادتها، الى معادلة، “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم ”
فطالما ان الفريقين المعنيين، اي المير والبيك لم يتوصلا الى نقطة تلاق واحدة، وطالما ان البلاد عالقة عند هذه العقدة، اصبح على الحكومة تحمل مسؤولياتها، والذهاب الى جلسة، لم تتضح معالمها حتى الساعة .
فإما تعقد من دون وضع ملف قبرشمون على جدول اعمالها، وانما تتناول الملف “وبعدين لكل حادث حديث “، وإما يصوت على احالة الملف الى المجلس العدلي، فيزيد الانقسام العامودي في البلد