لم نعد نملك ترف الوقت, ولم يبق مسؤول الا واعترف بهذه الحقيقة. وبناء عليه انطلقت صفارة السباق بين خطة الانقاذ الاقتصادي وتلبية المتطلبات الدولية لمساعدة لبنان بدءا بمؤتمر “سيدر” من جهة، والوقوع في المحظور اقتصاديا من جهة اخرى.
على اكثر من جبهة، استهل العمل, من التسريع في موازنة عام 2020, الى استعجال استخراج النفط عبر وضع دفاتر شروط المناقصات تمهيدا لعرضها, الى عرض خطة ماكينزي على مجلس الوزراء في اقرب فرصة ممكنة، الى العمل على تنفيذ خطة الكهرباء، وصولا الى مطالبة رئيس الحكومة باجراء مسح للادارات العامة، يتيح للدولة ضبط التوظيف في القطاع العام.
ابرز نقاط العمل, الموازنة, وكيفية تأمين طريقها الآمن الى مجلس الوزراء، وعبره الى مجلس النواب قبل منتصف تشرين الاول المقبل، وفق المعايير الاصلاحية التي اتفق عليها في لقاء بعبدا الاقتصادي، والتي جدد تأكيدها رئيس الجمهورية اليوم، وهذا الطريق ليس سهل السلوك لكونه يعتمد على اجراءات تقشفية لن تمر من دون توافق السياسيين بشأنها.
على هذا الاساس, كان يفترض ان يعقد اجتماع يترأسه رئيس الحكومة في السرايا مع ممثلي الكتل السياسية عصرا، الا انه استبدل بلقاء وزير المال, تمهيدا لعرض الموازنة على مجلس الوزراء في جلسة الاسبوع المقبل، ليتبين حينذاك صدق النيات، فإما يتجلى العزم على تسريع الانقاذ, وإما يبدأ التلاعب السياسي, الذي سيكون هذه المرة مكلفا للجميع.
قصة الازمة الاقتصادية بكل تفرعاتها، تشبه تماما قصة نهر الليطاني بكل روافده.
في الاولى دخل الفساد فقضم الدولة رويدا رويدا, وفي الثانية دخلت المياه الآسنة ومياه المصانع, فحولت مياه النهر التي تنبع صافية، الى مياه تسرب معها الموت اينما حلت.
في الاولى فشلت الدولة لانها تنتظر التوافق السياسي, وفي الثانية، فشلت الدولة لانها ايضا تأخرت وانتظرت رفع الغطاء السياسي, وبين الاولى والثانية نقطة التقاء واحدة:
اللبنانيون ما عادوا يئنون، انهم يصرخون بحثا عن حل يبدأ بالاجتماعات وينتهي بالتنفيذ، لان بين القول والفعل فرقا شاسعا.