صدق او لا تصدق، فان العسكر بلا طعام منذ صباح اليوم، والوطن لم يتسلم المواد الغذائية، لان المتعهدين لم يقبضوا مستحقاتهم التي بلغت نحو خمسين مليار ليرة، والجيش المنتشر من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، اضطر للاستدانة لتأمين مستلزماته، واستخدم الاحتياط الذي في حوزته والذي لا يكفي الا اياما قليلة.
قائد الجيش العماد جوزف عون، اتصل بوزير المال علي حسن خليل لصرف المستحقات، وبحسب ما علمت الـLBCI، فقد سمع وعدا بصرف الاموال بين اليوم وغدا. في المقابل، اكدت مصادر وزارة المال للـLBCI انها لم تتوقف عن دفع المستحقات، انما تسير بها وفق الجدول وتباعا.
ما جرى لم يشهده الجيش يوما, فحتى في عز الحرب والحصار لم تتوقف التغذية عن العسكر، ووقف الغذاء عن الجيش اصاب كل الوطن، الذي اصبح في حاجة عاجلة الى خطة تنقذه.
هذه الخطة وضعت خطوطها العريضة في ورقة بعبدا الاقتصادية، وقبل ان يتناتشها السياسيون، ويتنافسوا على تبني اصلاحتها،عليهم قبل كل شيء الاتفاق على ارقام نفقات الدولة وواردتها، وفق جمع الداتا ” المتعلقة بها، فالداتا وفق ما قال وزير الدفاع في اجتماع السرايا is power ، اي هي القوة، وهذه القوة على الاكيد تفتقد اليها دولتنا.
اكبر دليل على فقدان الداتا، التخبط الذي شهده موضوع المعابر غير الشرعية الذي يكلف الدولة خسائر بالمليارات، والذي تفاوتت الارقام بشأنه، بين من قال ان عدد هذه المعابر يفوق المئة، ومن قال انها لا تتعدى العشرة، لتثبت اليوم ثلاثة امور: عدد المعابر غير الشرعية يتراوح من ثمانية إلى اثني عشر، وحجم التهريب عبرها اقل بكثير من حجم التهريب عبر المعابر الشرعية، وعناصر من مختلف الاجهزة الامنية متواطئة مع مافيا المهربين.
الاعتراف بهذه المعطيات ترافق والقبول باقتراح بو صعب تأليف لجنة تضم كل الاجهزة الامنية، تستقصي الارقام والمعلومات الحقيقية : من اي معابر شرعية يجري التهريب، وما هو نوعه، من يتسلم البضائع المهربة، من يستفيد منها وما هو حجمها المالي؟
هذه النقاط, بداتا دقيقة، يضاف اليها ما نقل عن وزير المال في الجلسة، من ان بعض كبار المهربين معروفون بالاسماء، ويجب توقيفهم ليتوقف معهم 70 الى 80 بالمئة من التهريب، ستشكل نواة عمل اللجنة التي توافق المعنيون على التسريع بها، وسحب غطاء السياسيين وكل الاجهزة الامنية عن المتورطين بالتهريب، ما يجعل كل لبنان امام امتحان فعلي للاجابة عن السؤال الاهم : هل بدأ الاصلاح الفعلي؟