“ليلة الدواليب” لم يكتمل بدرها، فانكفأت قبل طلوع الضوء: لا دواليب السيارات التي انتظمت صفوفا طويلة أمام المحطات صمدت، ولا الدواليب التي تم إشعالها في أكثر من منطقة بقيت مشتعلة، فانكفأ الخميس الأسود لمصلحة “جمعة الوعود “…
حتى دولار الصيارفة الذي بلغ أمس 1615 ليرة، لم يبلغ اليوم عتبة الـ1600 وأقفل لديهم عند 1590، فماذا حدث بين أمس واليوم؟
كثيرة هي الإجتهادات، وقليلة هي المعطيات، وإذا توافرت فإنها في حاجة إلى تدقيق…
ولكن ما هو شبه مؤكد، أن أحدا ما، أو فريقا ما، أراد هز العصا لأحد آخر أو لفريق آخر، فكانت الوسيلة “دولاب”، إما أمام المحطات وإما مشتعلا على الطرق، علما ان الكثير من المعنيين يجزمون أن التحرك كان عفويا.
والوسيلة الثانية “الدولار”، الذي جرى العمل على احتواء اشتعال سعره، وهكذا في ساعات معدودة تم إطفاء الدولاب وإطفاء إشتعال سعر الدولار.
فهل فشل استحضار “ربيع عام 1992” في خريف الـ 2019؟ وهل “موديل الشارع” عام 1992 لم يعد يطابق سنة 2019.
ظروف اليوم غير ظروف الأمس على كل المستويات، ولاسيما مستوى موازين القوى، سواء في
الداخل أو في المحيط وتحديدا سوريا، ولكن ما هو مؤكد أن أحداث 26 أيلول 2019، من دولاب المحطات إلى دولاب الطرق إلى دولار المصارف إلى دولار الصيارفة، هي مؤشر إلى ما يختزنه المستقبل القريب والمستقبل البعيد نسبيا.
لكن كل ذلك لا يمنع من الإقرار أن الأزمة موجودة، ولو لم تكن كذلك، لما كان الجميع يسابقون الوقت لوضع مقررات “سيدر” على سكة التطبيق، وللبدء بإنجاز ما يتطلبه “سيدر” من إصلاحات.
في أي حال، فإن الثلاثاء لناظره قريب، ففيه سيصدر حاكم مصرف لبنان تعميما ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي، وهذا من شأنه أن يخفف الضغط في الأسواق المالية.
ولكن ما لفت اليوم، هو الكلام الذي أطلقه رئيس الجمهورية في طريق عودته من نيويورك إلى بيروت.
سئل عن الوضع المالي وما حصل في اثناء غيابه في الأمم المتحدة، فاجاب: “أنا كنت في نيويورك، اسألوا المعنيين. هناك مسؤول عن النقد وهو حاكم مصرف لبنان، وهناك مسؤول عن المال، هو وزير المال. أنا لست على علم بما حصل خلال غيابي عن بيروت.”