بعد ايام الجنون المالي التي شهدها لبنان الاسبوع الفائت، وتهدئة الاسواق واعادة اسعار الصرف الى شبه طبيعتها منذ الاثنين وحتى اليوم، يمكن اعتبار غد يوم كشف الحقائق او ربما طيها.
فغدا سيجتمع وزراء الحكومة بكل اضدادهم في قصر بعبدا، ليسألوا ويستمعوا، ويجيبوا على تساؤلات رئيس الجمهورية عن ما حصل، ومن حرك الشارع ولماذا؟ وما هي النتائج التي ستنعكس على مناقشات الموازنة وما يواكبها من اجراءات اصلاحية، وهي اول الاستحقاقات الفعلية امام الدولة، للحكم بجدية على قدرتها على معالجة الوضع الاقتصادي المهترئ.
ما حصل قد حصل، والحكومة التي ارتجت لن تقع لان التسوية التي جاءت بها، هي الاقوى، على الاقل حتى الساعة، سواء خارجيا او داخليا، لا سيما الا مصلحة لاي من الافرقاء المعنيين بالتسوية في هز الحكومة حتى الاطاحة بها.
فاستقرار لبنان في المنطقة المشتعلة اكثر من مطلوب، لا سيما مع بلوغ المفاوضات الاميركية الايرانية عتبات جديدة، ولعل ما حكي عن محاولة تواصل هاتفي مباشر بين الرئيسين الاميركي والايراني، وإن باءت بالفشل هذه المرة، اكبر دليل على ذلك، لا سيما ان مصدرا ديبلوماسيا فرنسيا رفيعا اكد ان رفض طهران الرد على الاتصال الهاتفي الاميركي مؤسف، لكون المطالب المتعلقة بالمضمون، وافق عليها الرئيسان ترامب وروحاني.
وفيما المفاوضات الاميركية الايرانية مستمرة بوساطات فرنسية وباكستانية وعراقية، تحت اعين دول الخليج، اهتزت بغداد ومدينة الناصرية في جنوبي العراق على وقع مواجهات مع قوات الامن، اطلقت عليها عناوين الاحتجاجات بسبب البطالة والفساد وسوء الخدمات العامة، فيما اظهرت مؤشرات اخرى، توترا في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة قد تكون انتجت المواجهات في الشارع.
كل هذه المعطيات، تشير الى دقة الوضع والى ضرورة امساك عصا السياسة اللبنانية من النصف، ما يجعل الحكومة حتى اشعار آخر، ليست بعيدة عن خطر السقوط وحسب، انما تعمل وبفعالية على وقف النزيف الاقتصادي والمالي.