الدولة تحدد للمواطن واجباته لكن من يذكر الدولة بواجباتها…
في مثل هذا الشهر منذ سبعة أعوام، وتحديدا في العام 2012، صدر قانون السير الجديد في لبنان…
نقرأ في المادة 83 البند 5 منه، ما حرفيته: “يجب ان تكون المركبة مزودة بجهاز إطفاء لإخماد الحرائق عند الضرورة، وأن يكون صالحا للاستعمال، وتحدد مواصفاته بقرار يصدر عن وزير الداخلية والبلديات…”
يا إلهي في أي بلد نعيش؟ وتحت جناح أي دولة؟
القانون يلزم المواطن العادي بإطفائية في سيارته تحت طائلة “الظبط”، ولكن من يلزم الدولة بإطفائية في الجمهورية تحت طائلة “الظبط” بحق المقصر أو المقصرين؟
ما حدث منذ ليل أمس وحتى الساعة هو جريمة بكل المقاييس، وتقصير كامل الأوصاف، وفضيحة مكتملة العناصر، لكن أين مرتكب الجريمة؟ أين المقصر؟ أين مفتعل الفضيحة؟
في هذه الجمهورية، جريمة من دون مجرم، وتقصير من دون مقصر، وفضيحة من دون مفتعل فضيحة.
والدليل، كل المسؤولين ما زالوا في موقع المسؤولية، ولا أحد منهم قدم استقالته أو على الأقل اعتذر من الشعب.
الوقاحة السياسية تجعلهم يبقون على كراسيهم لأن لا شعب يجعلهم، يخجلون فيستقيلون أو يجبرهم على الإستقالة…
لدينا طائرات إطفاء لكنها تكاد تتحول إلى خردة بسبب توقفها لنحو تسعة أعوام من دون صيانة…
أما لماذا لم تتوافر لها الصيانة، فهنا يبدأ تقاذف المسؤوليات ولا ينتهي…
عدة وزراء داخلية تعاقبوا منذ استعار الحرائق في العام 2008 وحتى اليوم، وعدة روايات حول هذه الطائرات، لكن النتيجة واحدة: طائرات تجثم في المطار من دون حراك فيما لبنان يتوسل قبرص لترسل إليه طائرات إطفاء…
صحيح أن الحرائق كبيرة وعلى مساحات واسعة وشاسعة وتحتاج إلى أكثر من سيارات وطائرات إطفاء، ولا إمكانية في لبنان لكامل هذه التجهيزات، لكن ما ليس مفهوما أو مبررا هو: إذا كانت الطائرات مكلفة أو غير صالحة، فلماذا إبقاؤها لتسع سنوات جاثمة في مطار بيروت من دون بت مصيرها؟
الحرائق تسببت بخسائر، أولها ضحية في بتاتر، وخسائر مادية هائلة تقدر بالميارات، وما كانت لتقع او على الأقل لتتوسع، لو أن في البلد مسؤولين لا يتعاملون مع المواطنين والممتلكات على أنها خردة، تماما كإهمالهم الذي حول الطائرات إلى خردة