في التقويم الزمني، اليوم هو الرابع عشر على الحراك الشعبي … في التقويم السياسي، اليوم هو الأول غداة استقالة الحكومة، هذه الإستقالة التي شكلت حافز الإنتفاضة للقبول بفتح الطرق، لكنها لم تشكل حافزا لفتح الطريق أمام تشكيل حكومة العهد الثالثة … لماذا؟ ما حدث في الأيام الثلاثة عشر ترك ندوبا في العلاقات بين بعبدا وبيت الوسط، وبين بيت الوسط وميرنا شالوحي … بعبدا ترى ان الرئيس الحريري قدم استقالته من دون أي تنسيق مع الرئاسة … وميرنا شالوحي ترى ان الرئيس الحريري لم يتحدث الى الوزير باسيل في موضوع الإستقالة … فإذا كانت الرئاسة الاولى، ورئاسة التيار، تعتبران ان الرئيس الحريري قذف بكرة النار نحوهما، فهذا من شأنه ألا يسهل مسار الخطوة التالية، لا عند التكليف ولا عند التأليف …
إذا، تصدع سياسي بين بيت الوسط وبعبدا وميرنا شالوحي قد يكون احد اسباب التريث الرئاسي في الدعوة إلى استشارات التكليف، فهناك ميل إلى ان تأتي الدعوة إلى الإستشارات بعد ان يكون التوافق، بالأحرف الأولى، قد تم على شكل الحكومة وحجمها … حتى الساعة، لا توافق على الشكل والحجم، بل إن المشاورات الأولية مازالت عند النقطة الصفر، فالثقة بين الأطراف المعنية ضعيفة، وكل طرف يرى أن الطرف الآخر يمارس المناورة لاستكشاف الموقف الحقيقي … وفي ظل انعدام الثقة المتبادل، يبدو ان التوافق الوحيد بين الجميع هو على ” أخذ وقت ” وتحديدا إثنتين وسبعين ساعة قبل البدء بالتحرك الجدي… في هذا الوقت يجري تمرير فتح المصارف وما يمكن ان تكون عليه الاسواق النقدية وسعر الدولار الأميركي بعد اسبوعين على الإقفال، إضافة الى كلمة رئيس الجمهورية مساء غد في الذكرى الثالثة لانتخابه، علما ان أوساطا عليمة تشير إلى ان الكلمة لن تقارب الملف الحكومي …
ما جمع من معطيات يسمح برسم المشهد التالي:
حكومة التكنوقراط غير مقبولة ” لألف سبب وسبب “، وبالتالي سيكون النقاش فيها من باب مضيعة الوقت .
إذا أعيد تكليف الرئيس الحريري، فإنه يشترط أن تطلّق يده في عملية التشكي ، أما إذا كانت الإستشارات ستذهب في اتجاه عدم تسميته فإنه يشترط أن يسمي أحدا من فريقه السياسي .
هذه المعطيات تحتاج إلى الإجابة على أكثر من سؤال لتجميع ” بازل التشكيلة ” ، ومن هذه الأسئلة :
ما هو موقع الوزير جبران باسيل في المرحلة الآتية ؟ هل سيكون داخل الحكومة أو خارجها ؟.. الإشارات تدل على أن هناك رفضا صارما للفيتو على إعادة توزيره ، حتى ولو طال أمد التشكيل ، وهناك من يذكر بسوابق مشابهة .
ما هو موقع الحراك في الحكومة. هل تمثل مطالبه أم يريد أن يكون تمثيله عبر حصة داخل الحكومة ؟ وفي حال لم تستجب مطالبه، هل سيعود مجددا غلى خيار الشارع ؟
الأسئلة ليست سهلة، والأجوبة عنها ليست قريبة، هناك ” إجازة تمتد إلى يوم الأحد المقبل، موعد مهرجان التأييد لرئيس الجمهورية في بعبدا، فهل سيكون المهرجان لتثبيت السقف السياسي أم لرفعه؟ ومن علامات الصراع الخفي بين بعبدا وبيت الوسط، المواجهة التي انفجرت بين مدعي عام التمييز غسان عويدات والنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان غادة عون، فهل المسألة مسألة صلاحيات أم مسألة قرار القاضي عون في فتح ملفات الفساد؟