Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”LBCI” المسائية ليوم الجمعة في 22/11/2019

إنها جمهورية بين ساحتين، واستقلال بين احتفالين. الساحة الأولى تمثلت في باحة وزارة الدفاع، حيث اختارت السلطة السياسية أن تقيم ذكرى الإستقلال والعرض العسكري الرمزي.

الذكرى كانت باردة بقدر برودة العلاقة بين الرؤساء الثلاثة، حتى إنها لم تحمل أي مضمون سياسي، فلا لقاء في أحد مكاتب الوزارة، ولا لقاء في قصر بعبدا بعد الذكرى، التي ما إن انتهت حتى ذهب كل رئيس في سبيله، فلا تهاني في قصر بعبدا ولا جداول بمواعيد توافد المهنئين، كما كل سنة، لأن العيد والتهاني كانا في مكان آخر، في الساحة الثانية: ساحة الشهداء.

في ساحة الشهداء، اختارت الثورة أن يكون العرض مدنيا، حيث توافد المحتفلون من كل المناطق ومن كل المشارب: مقيمون ومغتربون، طلاب وصناعيون، فنانون وناشطون ومن كل الاختصاصات، في مشهد رائع عبر فيه الشعب اللبناني عن حضاريته الفائقة ونظم نفسه بنفسه، فقط ليقول للطبقة الحاكمة: نحن شعب نستحق الحياة الكريمة، وسننالها.

مشهد ساحة الشهداء هو الأول في تاريخ لبنان منذ الإستقلال، ولم يسبق أن احتفل اللبنانيون هكذا منذ ستة وسبعين عاما.

المشهد أشعل الأمل مجددا، وهو لم ينطفئ أصلا، الثورة لا يقف في وجهها لا إحراق مجسم ولا تكسير خيم ولا بلطجة زعران. “زوار الفجر” أحرقوا “مجسم الثورة”، فكان مجسم مكانه قبل غروب الشمس، تماما كما أحرق زوار الغروب، الخيم قبل أسبوعين فأقيمت الخيم مكانها بعد ساعات.

الثوار لا يتعبون، والبلطجية لا ييأسون. الثوار في الساحات منذ 17 تشرين الأول، جربوا معهم كل وسائل الترغيب والترهيب والترويع، فماذا كانت النتيجة؟، مزيد من الحناجر، مزيد من القبضات، مزيد من النشاطات. وماذا يطلبون غير حياة حرة كريمة لا فساد فيها ولا استعطاء لخدمة بديهية. فهل كثير على الشعب أن يطالب بمدرسة وطبابة وفرصة عمل بحسب الكفاءة لا بحسب واسطة زعيم؟. وهذه المطالب إذا تحققت سيستفيد منها البلطجي وعائلته بمقدار ما سيستفيد منها الثائر وعائلته، فلماذا يعرقل البلطجي هدفا يفيده كما يفيد الثائر؟.

سياسيا وحكوميا، دخل مصطلح جديد على خط المساعي: حكومة سياسية- تقنية، أي أن تسمي القوى السياسية تقنيين ليكونوا وزراء.