لبنان “فقاسة” مشاكل وأزمات ومآزق، كل يوم أزمة أو أكثر، تؤدي إلى مأزق أو أكثر، وكأن لبنان “لا يكفيه الذي فيه” فتتراكم فوق رأسه المشاكل: الجديد أزمة في تفسير بعض مواد الدستور المتعلقة بتشكيل الحكومة. الرئيس المكلف “فتح الردة”، فقال في بيان مسهب إن “الضغوط مهما بلغت لن تغير من قناعاتي، وأنني لن أرضخ للتهويل، لن أقبل أن تصبح رئاسة الحكومة مكسر عصا”. هذا الكلام يبدو أنه استفز القصر الجمهوري، فكان بيان لوزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، أعلن فيه “أن رئيس الجمهورية ليس ساعي بريد أو صندوق اقتراع في عملية التكليف والتسمية، وليس مجرد موثق بتوقيعه لوثيقة تأليف الحكومات.
جريصاتي أنهى بيانه بالغمز من بعض أداء الرئيس دياب، فقال: “كفانا حرب صلاحيات ومهاترات وبكائيات ونصرة مزعومة لمواقع في الدولة”. لكن يبدو أن رياح الصلاحيات قد تجري بما لا تشتهي سفن الوزير جريصاتي، فالرئيس المكلف أمامه مهمة صعبة في الحفاظ على موقع الرئاسة الثالثة، ولهذا قال: “لن أقبل أن تصبح رئاسة الحكومة مكسر عصا”. هذا الكلام موجه إلى دار الفتوى التي امتنعت عن استقباله إلى الآن، وإلى “بيت الوسط” حيث الشارع السني يعتبر أن الشرعية الشعبية تعود إليه.
أكثر من ذلك، حتى لو شكل دياب حكومته، كيف سيكون تعاطيه مع الوزير جبران باسيل، حيث أن كل مفاوضات التشكيل كانت تتم معه، وأبرزها لقاء الساعات الست؟.
الأمور حكوميا ليست على ما يرام، فالصدام بدأ باكرا، حتى قبل التشكيل، بين الرئيس المكلف وبعبدا وبينه وبين عين التينة، فهل هكذا سيكون تعاون السلطات؟.
عنصر خلافي آخر دخل على خط التشكيل، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ومن منصة تيار “المستقبل”، صوب على الوزير باسيل، فقال ل”المستقبل ويب”: إذا شكلت حكومة وفاق وطني أو تمثل فيها الحراك، فإن حجمنا يقتضي أن نتمثل بوزير. أما اذا كان التمثيل المسيحي يقتصر على “التيار الوطني الحر” فقط، فنحن لا نرضى بوزير واحد وإنما نطالب بوزيرين، نريد حقيبة الأشغال ومعها حقيبة ثانية نتوافق عليها، فيتولى كل وزير حقيبة لا وزير واحد بحقيبتين”.
هذا الطرح المتقدم من جانب تيار “المردة” الذي سمى الرئيس المكلف، يرجح ألا يكون عاملا مساعدا في تسهيل ولادة الحكومة. وعليه يمكن الإفتراض أن الحكومة الجديدة عادت إلى المربع الأول، وأن تصريف الأعمال “عمره طويل”.
أما فضيحة الفضائح فتتمثل في تواني لبنان عن سداد مستحقاته للأمم المتحدة، ما حرمه من حق التصويت في الجمعية العمومية. اللبناني ينتظر من ستعلنه نتائج التحقيق الرسمي مسؤولا: في المالية أم في الخارجية؟. وفي الإنتظار يتحسر اللبناني على زمان مجيد كان فيه لبنان “المفخرة” في الأمم المتحدة، حيث ساهم بفكر الراحل شارل مالك في وضع الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، ليصل اليوم إلى متعثر أو مقصر في سداد ما عليه.
مؤسف الدرك الذي وصل إليه البلد.
في الأثناء، الشارع يجدد شبابه ويعيد نبضه.