على مسافة ست وثلاثين ساعة من الجلسة النيابية العامة لمناقشة الموازنة العامة للعام 2020، في حضور الحكومة الجديدة قبل أن تنال ثقة مجلس النواب، يبدو المشهد السياسي والشعبي محفوفا بوضع غير مسبوق، وربما بالهرطقة: مجلس النواب يناقش موازنة حكومة لم تعد موجودة، في حضور حكومة لم تضع هي هذه الموازنة، فكيف سترد على أسئلة النواب وتدافع عن شيء لم تضعه هي؟.
أصلا نحن في بلد السوابق والأعراف والهرطقات، وأصلا الموازنة، سواء وضعتها الحكومة الحالية أو الحكومة السابقة، لا فرق. فالنفقات في اليد والإيرادات على الشجرة، إذ من أين ستأتي الحكومة بالأموال لتغطية نفقات الموازنة حتى لو انخفضت إلى النصف؟. الموازنة عبارة عن رواتب للقطاع العام الذي ينعم بسلسلة الرتب والرواتب من دون أن تكون هذه السلسلة قد أرفقت بسلسلة إصلاحات، والشق الثاني من الموازنة فوائد دين. وإذا كانت الموازنة مؤلفة من هذين البندين، فلماذا يومان من المناقشات، وفي آخر اليوم هل سيعتلي رئيس الحكومة المنصة ليدافع عن موازنة وضعتها حكومة سلفه؟. هل من أحد يقدر على فك هذه الطلاسم الدستورية في إدارة السلطتين التنفيذية والتشريعية في هذا الوطن؟.
قبل هرطقة الإثنين والثلاثاء، وقبل موعد جلسات الثقة، قالت الثورة كلمتها: “لا ثقة”. اللاثقة قالتها في الشارع حيث وصلت إلى المدخل المؤدي إلى السرايا الحكومية من جهة رياض الصلح، لكن خراطيم المياه أعاقت تقدمها.
وفيما لجنة البيان الوزاري عقدت اجتماعها لليوم الثاني، أعلن قصر الاليزيه أن الرئيس ماكرون أجرى اتصالا بالرئيس عون عبر فيه عن رغبة في تطبيق اصلاحات تلبي طموحات اللبنانيين.
ميدانيا، مازال حدث الإعتداء على ناشطين أمام مجلس الجنوب يتفاعل، الموقوفون الذين اعتدوا على الناشطين لم يتجاوزوا الإثنين، فيما المشاركون في الإعتداءات تجاوزوا الخمسة عشر “أزعرا”.
في الموازاة ، تغريدة تفضح الأوامر: النائب اللواء جميل السيد وجه رسالة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال تغريدة كتب فيها: “دولة الرئيس، ضب أحمد بعلبكي أحسنلو”. واضح من هذه التغريدة أن اللواء السيد يتهم البعلبكي، وهو المستشار الأمني للرئيس بري، بأنه يقف وراء إرسال مجموعات إلى أمام منزل السيد في الجناح. وما يعزز هذا المعطى أن السيد كتب تغريدة ثانية قال فيها: “ما حدا يجرب يبعتلي رسائل من الطريق”. تصويب اللواء السيد على عين التينة وعلى المستشار الأمني تحديدا، قوبل بصمت مطبق من جانب حركة “أمل”.