كشفت كورونا عوراتنا، فنحن حقيقة نعيش في بلد يعيش “عالهوارة”.
ماذا تعني كلمة هوارة؟
هوارة تعني مجموعة من العسكر او الجنود غير المنظمين، وهذا ما نحن عليه فعلا، كلبنانيين.
عندما دقت كورونا ابوابنا في شباط الفائت، شكلت الحكومة لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية للفيروس، وهذه اللجنة بدأت رحلة البحث المستحيل عن الداتا المتعلقة بالمستشفيات الحكومية والخاصة ومدى جهوزيتها، وعدد الاسرة وغرف العناية الفائقة التي يمكن تخصيصها للكورونا فيها، وحجم الطاقم الطبي والتمريضي، الى ما هنالك من معلومات.
لم تأت اجابة مثل الثانية، واستنزف الوقت بحثا عن المعلومات، التي لم تحسم في شكل نهائي حتى الساعة.
وليزيد الطين بلة، جاءت صرخة المستشفيات الخاصة، التي تطالب الدولة بمستحقاتها، وعدنا جميعا الى البحث عن الداتا، لنكتشف هنا ايضا ان ليس هناك اجابة مثل الثانية.
فبين مليارات الليرات اللبنانية المستحقة للمستشفيات منذ عام 2012، وبين مطالبة وزير الصحة لها بإعداد ملفاتها كافة لدفع ما تبقى من مستحقات عام 2019، وبين المعلومات التي تتحدث عن فواتير وهمية لبعض المستشفيات، ضاعت “الطاسة”، حتى لوحت المستشفيات الخاصة بالتوقف عن العمل، في وقت جاهر بعض النواب مطالبأ بالخروج عن آليات التدقيق في الحسابات عبر ديوان المحاسبة، لان المهم اليوم انقاذ القطاع المنكوب.
المساعدة التي قررت الدولة منحها للعائلات الاكثر فقرا، ولمن أوقفت كورونا مدخولهم المادي اليومي، لم تسلم بدورها من نقص الداتا او التلاعب بها.
فبين اللوائح التي ضخمتها الاحزاب على مدى عشرات السنين في اكثر من وزارة، وبين تلك التي تلاعبت بها البلديات والقطاعات، توقفت المساعدات، واستنزف الوقت مجددا فيما العائلات الفقيرة حقا، تصرخ جوعا.
حتى في عالم المال والارقام، طمست الداتا، لتكشف حكومة المواجهة لاول مرة حجم الهوة المالية، التي تقارب الستين مليار دولار، ولتنطلق المواجهة بين المصارف من جهة، وبين السياسة من جهة اخرى، التي تقرأ بياني حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف بتأن ودقة تمهيدا للرد عليهما.
انها الادارة المهترئة، التي قصدت الابتعاد عن الاحصاءات والارقام، واعتمدت في كل حساباتها على التذاكي اللبناني، فأمعنت اللعب على حافة الهاوية، حتى سقطنا جميعا في قعر بلد مفلس، يحتاج اولا واخيرا للاصلاح والداتا الدقيقة.