عبق التاريخ والأدب والموسيقى، يملأ سماء بعلبك الليلة، التي تستحضر فخر الدين منذ عام 1618، والذي أعاد إحياءه الرحابنة في مسرحية “أيام فخر الدين” عام 1966، أي أيام العز، وأعاد توزيعها غدي وأسامة الرحباني عام 2002، وقدمت كموسيقى فقط عام 2002 في كازينو لبنان، واليوم يقدم منها عشرون دقيقة في معبد جوبيتر.
عبق الرحابنة يلتقي مع بيتهوفن في الذكرى الـ 250 لولادته في ألمانيا، واللقاء الأكبر مع جبران خليل جبران، حيث يعود بنا رفيق علي أحمد مئة سنة إلى الوراء، في قراءة لأحدى روائع جبران خليل جبران من كتابه “دمعة وابتسامة”، وهو مجموعة قصائد نثرية كتبها في أميركا. ومقطوعة لكبريال يارد من فيلم “النبي”، بالإضافة إلى أعمال كلاسيكية من مطلع القرن العشرين، وإضافة أيضا إلى أعمال أخرى في البرنامج، سنفصلها في سياق النشرة.
خمس وخمسون دقيقة من مزيج التاريخ والفن والتراث والشعر والعظمة، تحتضنها بعلبك من التاسعة إلى العاشرة إلا خمس دقائق. خمس وخمسون دقيقة هي خارج الزمن، أو بشكل أدق خارج هذا الزمن: فلا كورونا ولا pcr، ولا دولار أسود أو أخضر، ولا انهيار في سعر صرف الليرة ولا انقطاعا للمازوت ولا نقصا في الفيول، ولا تهريب ولا “قانون قيصر”، ولا معارك وهمية أو حقيقية حول دير عمار والزهراني وسلعاتا، ولا صندوق نقد دولي أو تحقيقا جنائيا أو محاسبيا، ولا تعيينات ومجالس إدارة وهيئات تنظيم القطاعات، ولا هدر وفساد وتنفيعات.
خمس وخمسون دقيقة من بعلبك هذه الليلة، هي وخزة ضمير لكل المسؤولين، الذين ما زالوا يفكرون كيف ينجزون. تفرجوا على ما سيجري في بعلبك الليلة وتعلموا منهم: تعلموا من جبران خليل جبران والرحابنة وفيروز ونصري شمس الدين، أبطال “أيام فخر الدين”، ومن غبريال يارد، ورفيق علي أحمد وهاروت فازليان. هؤلاء، مثلما يقول جبران: لكم لبنانكم ولنا لبناننا. لبناننا هو الخمس والخمسون دقيقة من بعلبك، التي تختزل وتختصر مهرجانات الصيف التي لن تقام هذه السنة.