“مسكرة”… ليس هناك كلمة أكثر تعبيرا عن وصف واقع مساعي تسمية رئيس الحكومة الجديدة وتشكيل حكومته، أكثر من هذه الكلمة. فالمشاورات التي بدأت في عين التينة، تمهيدا للإستشارات في قصر بعبدا، فشلت: الثنائي الشيعي مع عودة الرئيس الحريري، بري سماه و”حزب الله” لم يمانع، لكن فيتو جبران باسيل، وهو فيتو يتناغم مع موقف القصر، جعل الرئيس بري “يستعفي” من إكمال مهمة المشاورات، فأطفأ محركاته وعبر عن استيائه الشديد وعن تشاؤمه، وكأنه رد الكرة إلى قصر بعبدا.
رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط التقط إشارة استياء عين التينة، فغرد كاتبا: “لماذا لا تجري الإستشارات النيابية وفق الأصول بدل الهمسات في الكواليس وتختار الكتل النيابية من تشاء وتحترم نتيجة التصويت، وبالنسبة لموقف الحزب الإشتراكي فلا علاقة له بأي تيار سياسي آخر، ولا ندين لأحد بأي جميل، ان نتائج الانتخابات السابقة خير دليل أن أحدا لم يبادلنا الاصوات”.
بهذه التغريدة يكون جنبلاط قد أصاب عصفورين بحجر واحد: الأول إخراج نفسه من لعبة المشاورات قبل الإستشارات لئلا يلتزم أي تسمية مسبقا، والثاني تحرره من أي التزام مع من يرون أن لديهم دينا انتخابيا عند زعيم المختارة.
وما لم يقله جنبلاط في تغريدته، نقل عن مصادر “اشتراكية” من أن لدينا مقاربة خاصة وجذرية لموضوع الحكومة، “وسنجلس في الصفوف الخلفية”. وفهم من ذلك أنها إشارة من جنبلاط إلى أنه غير متحمس لتقديم أي اسم خارج الاستشارات التي لم يتحدد موعدها بعد، وقد تتحدد منتصف الأسبوع المقبل. والجدير ذكره أن النائب وائل أبو فاعور زار اليوم عين التينة والتقى الرئيس بري.
وكان لافتا ما أعلنه نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، من المشاركة في الحكومة، فقال: “نريد حكومة نساهم فيها وندعمها وتكون جامعة ما أمكن، بتأييد ودعم من ممثلي الشعب وفق الأطر الدستورية، مع لحظ كل من يمكن أن يحمل تمثيلا شعبيا”.
يحدث كل ذلك على مسافة أسبوع تقريبا من العودة المفترضة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، بالتزامن مع مجيء الديبلوماسي الأميركي ديفيد شينكر إلى بيروت أيضا.
لكن ومع هواجس اللبنانيين بكيفية إعادة النهوض بالمنطقة المدمرة والمتضررة بفعل انفجار المرفا، فإن الهاجس الأكبر يتمثل في الارتفاع المخيف في عدد إصابات كورونا حيث أن الرقم 600 وما فوق بات رقما عاديا في الإصابات، واليوم بلغ العدد 611 إصابة، على رغم كل الإجراءات والتوصيات والتوجيهات.