فيما تدور السياسة الداخلية في حلقة مفرغة، وكأن أحدا من السياسيين لم يتعلم شيئا من دروس 17 تشرين وكارثة المرفأ، وفي وقت تضيع الأفكار بين طرح التوافق على التأليف قبل التكليف، ومطالبة رئيس الجمهورية بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف قبل التأليف، وبين الشروط والشروط المضادة المرتبطة باسم رئيس الحكومة العتيد، يفقد لبنان مزيدا من الوقت الذهبي، للحد من الانهيار المالي والاقتصادي وصولا حتى إلى ما بات يهدد أمنه الغذائي، لا سيما بعد ما تردد عن إعلان المصرف المركزي عزمه على وقف دعم المواد الأولية بعد 3 أشهر من آب الحالي.
للصعود من القعر، لبنان بحاجة إلى اقتراض مليارات الدولارات، وباب الاقتراض لن يفتح إلا عبر صندوق النقد الدولي، وللصندوق شروط إصلاحية واضحة تمهد الطريق لعودة العمل على برنامج الإنقاذ. أولى هذه الشروط،التدقيق الجنائي في المصرف المركزي، يليها حل ملف الكهرباء، وضع قانون ال”كابيتال كونترول”، إعادة درس موازنة العام 2020، وصولا إلى توحيد سعر الصرف.
كل هذه الشروط، يمكن وصفها بالضرورية ولكن غير الكافية. وعلى الرغم من كل ذلك، لم يخط لبنان حتى الساعة أي خطوة فعلية، توحي بوجود إرادة حقيقية للالتزام بالإصلاح، باستثناء المعلومات التي حصلت عليها الـLBCI. تقول هذه المعلومات، إن وزير المال غازي وزني، سيوقع في الساعات المقبلة، عقد التدقيق الجنائي في المصرف المركزي، ما قد يرسل إشارات إيجابية عن التزام الشفافية التي يطالب بها الغرب ولا سيما فرنسا، تمهيدا لتوسعة التدقيق، ليشمل إلى “المركزي”، كل الإدارات والمؤسسات الرسمية، حيث علامات الاستفهام عن صرف الأموال.
تزامنا، علمت الـLBCI أن الغرب وبمقدار تمسكه بالإصلاحات، متمسك بخطة الإنعاش الاقتصادي، التي وضعتها حكومة الرئيس حسان دياب، بالتعاون مع شركة “لازارد”، التي عاد مفاوضوها إلى لبنان في الرابع من آب، يوم انفجار المرفأ، ليغادروا فورا بعده، ويعودوا مبدئيا اليوم.
عودة فريق “لازارد”، تعني عمليا معاودة المفاوضات بين الحكومة و”لازارد” من جهة، والمصرف المركزي وجمعية المصارف من جهة أخرى، تمهيدا لإعادة البحث مع صندوق النقد الدولي في برنامج الإنقاذ المالي.
في ظل كل هذه المعطيات، ترف الوقت لم يعد لصالحنا، لا ماديا ولا اقتصاديا، والبلاد التي لم تشف من هول كارثة مرفأ بيروت، تلقت صفعة ثانية، هي ضربة كفتون، التي شيعت شبانها اليوم، وسط تواصل التحقيقات الأمنية التي أدت إلى إمساك شعبة المعلومات بطرف خيوط القتلة، أصحاب السوابق الإرهابية.
البلد على كف عفريت، فحادثة كفتون جاءت بعد ساعات من حادثة اللوبية، ووسط معلومات عن أجواء أمنية ضاغطة في أكثر من منطقة بقاعية.
هكذا يختصر واقعنا، وأنتم “خليكون بدائرتكم المفرغة”.