IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”LBCI” المسائية ليوم الأحد في 06/09/2020

عندما سلم الفرنسيون “ورقة الأفكار” لإنقاذ لبنان إلى السياسيين، حددوا الشروط المطلوبة وتواريخ تنفيذها. أول الشروط، تشكيل حكومة مهمة، في مهلة خمسة عشر يوما تتولى الإصلاح، وأول الاصلاحات، من دون مواربة، التدقيق الجنائي في المصرف المركزي، في إطار مهل زمنية معقولة.

حتى الساعة، تبين أن السياسيين خسروا الأسبوع الأول من التشكيل، ولم يبق أمامهم سوى أسبوع، في وقت تلف السرية مفاوضات التأليف، التي لن تتوضح حتى يسلم الرئيس المكلف مصطفى أديب رئيس الجمهورية ميشال عون، تصوره الأولي للحكومة، أواخر الأسبوع الحالي.

هذا في الحكومة، أما المعركة الأشرس، فهي التدقيق الجنائي في المصرف المركزي. فبعد يومين على المعلومات الخاصة التي حصلت عليها الـlbci، عن أن وزير المال غازي وزني، عدل في عقد التدقيق الجنائي، ولم يلتزم بالملاحظات التي ذكرتها هيئة التشريع والاستشارات، وأبرزها ما يتعلق بمجموعة Egmont، أفرغ وزني ما في جعبته، ففسر ما أدخله من تعديلات، معلنا أنه لن يطلب من شركة alvarez &marsal، المباشرة بالعمل، ولن يشكل اللجنة الثلاثية المنصوص عنها في العقد، ليضع كل هذه المهام في عهدة وزير المال المقبل.

ما هو واضح حتى الساعة، أن وزني فعلا لم يبلغ الرئيس عون بالتعديلات التي طالت العقد، وهنا يطرح أكثر من سؤال: في التفويض الذي منحته حكومة الرئيس دياب لوزير المال، هل طلب منه الابلاغ عن أي تعديلات قد يدخلها على العقد إلى الرئاسة الأولى أو الثالثة أو إلى الحكومة؟. وهل في التفويض الذي طالب وزير المال بالأخذ بالاعتبار بملاحظات هيئة الاستشارات، جاء ما يؤكد إلزامية الأخذ بهذه الملاحظات، علما أن القانون يتحدث بوضوح عن أن رأي هيئة الاستشارات غير ملزم؟.

قد يكون وزير المال تسلح بهذه الثغرات لعدم الأخذ برأي هيئة الاستشارات، بوضع مجموعة Egmont في صلب عقد التدقيق الجزائي، وقد يكون وزني في بيانه المقتضب فسر أكثر من نقطة، إلا أن الرسالة الأهم من البيان مفادها: فليتحمل من أثار زوبعة العقد مسؤولية التأخير في بدء التدقيق الجنائي.

الرسالة مفترض أن يقرأها المعنيون الرسميون في الداخل اللبناني، وكذلك فرنسا ومن خلفها من دول الغرب، لكن الأسئلة الأخرى التي تطرح هي: لماذا لم يبلغ وزير المال رئيس الجمهورية بالتعديل، ولماذا أسقط نقاطا عدة في العقد أبرزها نقطة مجموعة egmont التي وضعتها هيئة الاستشارات، علما أن egmont تمثل مجموعة هيئات التحقيق الخاصة في المصارف المركزية حول العالم، وأنها لو أبقيت في بنود العقد، لكانت قادرة على تخطي حدود قانون السرية المصرفية، في حال تذرعت به أي جهة؟.

أما تحميل الوزير غازي وزني نظيره المستقبلي مسؤولية إعادة التفاوض مع alvarez، فيرى فيها معنيون رسميون الكثير من الايجابية، لأن هذا الوزير، سيذهب إلى مكامن ضعف العقد ليقويه، وهو متنبه إلى الأفخاخ الموجودة حاليا وأبرزها: الالتزام بالقوانين اللبنانية الملزمة، أي عمليا، بالسرية المصرفية، مع كل ما تحمله من عقبات أمام تقدم التدقيق المحاسبي الجنائي.

بين الأخذ والرد، يعرف اللبنانيون حقيقة واحدة: لبنان سرق، وللسارق أو السارقين هويات، والتدقيق الجنائي في المصرف المركزي أولى خطوات مسار طويل، يمتد إلى الكهرباء ووزارة الطاقة، وسائر المصالح والإدارات والمجالس، وأي محاولة لإسقاط التدقيق الجنائي اليوم تحت أي حجة، يعني وقف مسار الاصلاح، المراقب من كل دول العالم.

وهنا الفرق، فهذه المرة game over، إذا صدقت فرنسا ومعها عواصم العالم، أما اللبنانيون، فلن يستسلموا، فهم وإن فقدوا شيئا من نبض مار مخايل، لن يفقدوا تمسكهم بنبض كشف الحقيقة، ونبض بيروت التي لن تغفو.