“واستعيضوا عن الإعتذار بالتريث”… هذه هي حال الرئيس المكلف مصطفى أديب أرفقها اليوم بلاآت ثلاث: لا تشكيل لا اعتذار ولا مهل.
إذا لم يقدم تشكيلته بسبب التعذر والتعثر، فما من شيء في الدستور يرغمه على الإعتذار، كذلك فهو غير مقيد بمهل. قد يكون الرئيس المكلف بدأ يقرأ في كتب تأليف حكومات من سبقه ولاسيما حكومات رؤساء الحكومات السابقين الذين سموه: الرئيس الحريري استهلك تأليف حكومته بعد الانتخابات النيابية سبعة اشهر، الرئيس نجيب ميقاتي أكثر بقليل، ولكن هذه المرة هناك مهلة ماكرونية حددت بأسبوعين، وهذه المهلة انتهت، ونحن اليوم في اليوم السادس عشر.
العقدة باتت معروفة ولا لبس فيها: لا حقيبة لطائفة أو مذهب بل تشكيلة تقوم على المداورة، والإختصاص. وإذا فتحت شهية الطوائف على الحقائب فإننا نكون أمام حكومة “حسان دياب إثنين”: المال للثنائي الشيعي، الخارجية للتيار الوطني الحر… فماذا يكون قد تغير؟
لكن العقدة تحولت إلى معضلة: الثنائي الشيعي يرى أن نزع حقيبة المال منه “هزيمة نكراء” وسقوط للتوقيع الثالث واستطرادا للمثالثة الذي يناضل من أجل إحقاقها منذ ثلاثين عاما، فهل يتخلى عنها اليوم وهو في عز سلطته وفائض القوة الذي يملك؟
في مقابل الثنائي الشيعي هناك “رباعي” رؤساء الحكومات السابقين، وأي تراجع عن شرط المداورة سيشكل هزيمة نكراء “للسنية السياسية” ويسجل عليهم أنهم ارتضوا بالتوقيع الثالث والمثالثة.
إذا، المسألة أبعد من مسألة كفايات وخبرات واختصاصات: الثنائي الشيعي يرى انه يملك مكسبا او عرفا أو انتصارا، ويحاول ان يسجله في الدوائر الرسمية.
في المقابل، السنية السياسية تعتبر ان هناك نزاعا على هذه الملكية وليس في الإمكان تسجيله في الدوائر الرسمية.
أين المسيحي في هذا النزاع على الملكيات؟ سؤال في محله وينتظر من يجيب عنه.
نهار التريث تخلله ما يشبه حرب التسريبات: مصادر الثنائي الشيعي في مقابل مصادر رؤساء الحكومات السابقين.
كذلك في نهار التريث، كانت الخطوط مفتوحة مع باريس وعواصم أخرى ، ولهذا فإن إكمال “بازل الصورة” لا يقتضي معرفة ما جرى داخليا وحسب، والذي جاءت معلوماته متضاربة، بل أيضا معرفة مضمون الإتصالات من الخارج إلى الداخل.
كل ذلك افضى إلى حقيقة واحدة: لا تأليف، لا اعتذار، ولا مهل.