كتبنا أن هناك مستهترين “بلا مخ”، فرضي البعض وامتعض البعض الآخر، لكن عداد كورونا لم ينخفض. اتخذت الوزارات المختصة إجراءات لتأخير ارتفاع عدد الإصابات، هاجم بعضهم الإجراءات لكن عداد كورونا لم ينخفض. وضعت غرامة على عدم ارتداء الكمامة، فسخر البعض، وبعضهم سأل باستخفاف: “ليش في كورونا؟”. ارتديتم الكمامة، لكن قلة قليلة ارتدتها كما يجب: منهم من استعملها قبعة، منهم من لبسها “تحت الذقن”، وإذا سئلوا، يأتي الجواب: “ليش في كورونا؟”.
إتخذ إجراء “المفرد والمجوز” بالنسبة إلى لوحات السيارات، فابتكر اللبناني الذي يحب صفة “حربوق” استخدام سيارتين: واحدة بلوحات مفرد وواحدة بلوحات مجوز، ولسان حاله يقول: “ليش في كورونا؟”.
اتخذ قرار بإقفال 111 قرية وبلدة، ولكن “شو هم”، اللبناني “حربوق”، ينتقل من المنطقة المصنفة حمراء إلى منطقة غير مقفلة. وبدأت استعدادات “بزنس جديد”: تهريب الأشخاص من القرى والبلدات المقفلة إلى قرى وبلدات لا ينطبق عليها الإقفال، وأسعار خاصة للعائلات!.
ما هذا اللبناني “اللي مسبع الكارات”: يتلقى القانون ليخالفه، والإجراء ليحتال عليه. ولكن هل سأل نفسه: ما هي تكلفة تطبيق القانون والتزام الإجراء؟، بالتأكيد التكلفة أقل بكثير: كم يكلف ارتداء الكمامة؟، كم يكلف التباعد الاجتماعي؟، كم يكلف عدم الاختلاط؟، كم يكلف غسل اليدين؟. لو تم التزام هذه المعايير لما كانت الإصابات تبلغ يوميا أكثر من ألف ومئتي إصابة، ولما كانت المستشفيات تمتلئ بمصابي كورونا.
قد يكون في القرار الأخير شيء من الإجحاف بالنسبة إلى بعض القرى والبلدات، فلا أحد معصوم من الخطأ، لكن هذا الإجحاف، إذا وجد، يجب الا يكون سببا لعدم تطبيق القرار، فطرق المراجعة للعودة عن الخطأ لها سبلها الإدارية والقانونية، وبعض البلدات باشر بها، ولكن ما هو غير مسموح، ضرب عرض الحائط بالقرار، لأنه عندها سيدخل لبنان في نفق كورونا ولن يعرف كيف يخرج منه.
أكثر من ذلك، الإجراء ليس مسألة “صيت” بيطلع على بلدة وما يطلع على أخرى. فمتى يخرج اللبناني من مقولة “خلي الصيت يطلع علينا وعلين”؟.
هذه المرة، هناك داع للهلع، والرقم لم يعد وجهة نظر. دققوا في هذا الرقم قبل فوات الأوان: عدد الأسرة المخصصة لمرضى كورونا والشاغرة حتى يوم أمس في كل مستشفيات لبنان الحكومية والخاصة هي: 245 سرير في الغرف العادية، و37 سرير عناية فائقة. أسرة قد تملأ في ساعات، فماذا بعد؟، اليوم بلغت الإصابات 1321 إصابة. هل مازلتم عند سؤالكم: “ليش في كورونا؟”.