صارت القصة مملة ، لا بل “مقرفة” … ما حاجة المواطن إلى هذه السلطة إذا كانت لا تستطيع تأمين الدواء والإستشفاء والمحروقات والكهرباء ؟
بداية ، لا يطلب المواطن حقه مجانا بل يدفع ” حقه ” ، ومع ذلك هذه السلطة لا توفره له :
الدواء لا يتوافر لأن تأمينه عالق بين المستورد والمصنع والمصارف ومصرف لبنان ، فيختفي الدواء من رفوف الصيدليات .
وما يقال عن الدواء يقال عن المستلزمات الطبية التي تريد المستشفيات سعرها ” كاش ” والأفضلية لمن لديه كاش .
التيار الكهربائي دخل دائرة الخطر ايضا … البواخر التي تؤمن 30 في المئة من التيار تمر في أزمة مع الدولة ، شركة ” كارادينيز ” لديها في ذمة الدولة 160 مليون دولار . الدولة لم تدفع منذ ثلاثة عشر شهرا . في حال استمرت هذه الأزمة فهل يعود المواطن إلى وضع رقبته تحت سيف أصحاب المولدات ؟ وعندها كم ستبلغ الفاتورة ؟ وماذا لو تذرع أصحاب المولدات بالكلفة المرتفعة بعدما حلق سعر الدولار ؟
أسعار المواد الغذائية ترتفع مع ارتفاع سعر الدولار ولا تنخفض مع انخفاضه ، ذريعة التجار أنهم ” يشترون على العالي ” … هم ذاتهم كدسوا بضائعهم على دولار 1500 ، وباعوا على أساس دولار سبعة آلاف أو ثمانية آلاف .
لكل ما تقدم ، ما حاجة المواطن إلى هذه السلطة ؟
المواطن يريد وزيرا للصحة يجرؤ على اتخاذ قرار بوضع حد لجشع المستوردين والمصنعين … من قال لكم إنه يسأل عن مذهبه أو طائفته؟
يريد وزيرا للإتصالات قادرا على توفير الإنترنت بالسرعة المطلوبة لتأمين التعليم ” اون لاين ” من دون أن ” تقطش ” الإنترنت بين سؤال المعلمة وجواب التلميذ. صدقا لا نريد أن نعرف مذهبه أو طائفته …
المواطن يريد حقوقه وخدماته ، وبماله وليس ببلاش ، وليأتي من ياتي ليوفرها له ، وسيصفق المواطن له ايا كان مذهبه أو طائفته .
يريد سلطة تنفيذية لا تبكي أو تتباكى أو تتقاذف المسؤوليات بين الوزارات إذا ما اندلع حريق في حرج أو إذا فاض نهر الغدير أو إذا انفجر مجرور الرملة البيضا ، وبالمناسبة ، هذه الملفات الآنفة الذكر لم تصل إلى خواتيمها القضائية بعد .
لكن يبدو أن الطباخين مازالوا يعتمدون ” الدقة القديمة ” ، دقة ما قبل الإنهيارات على كل المستويات :
هل يعرف وزير الأشغال الآتي أنه سيكون مسؤولا عن مرفأ تدمر ؟
هل يعرف وزير المال الآتي أنه سيكون مسؤولا عن قطاع مالي فيه مئة مليار دولار دينا عاما ؟
هل يعرف وزير الصحة الآتي أن الدواء مفقود وكذلك المستلزمات الطبية وكذلك النزاع الدهري بين الوزارة ونقابة اصحاب المستشفيات؟
هل يعرف وزير الإقتصاد الآتي أن الأسعار نار وأن مصلحة حماية المستهلك ليست لديها القدرة على تعقب كل المخالفين ؟
هل يعرف وزير الطاقة الآتي أن كهرباء البلد توفرها البواخر والمولدات بمقدار ما توفرها المعامل ؟
إلى أي وليمة أنتم آتون ؟ ومن قال للطباخين أنهم يملكون ترف الوقت؟
الحكومة المتوازنة هي التي توازن بين واجباتها وحقوق المواطن .
عيب أن يبقى الشعب ينتظر متى يصعد الرئيس المكلف إلى قصر بعبدا ؟ وهل حلت أو بعد ؟ وهل يحمل في يده مغلفا أو لا ؟
ملف تشكيل الحكومة مازال في مرحلة ” تيتي تيتي ” وإن غلف بكلام كبير على شاكلة : ” التواصل لم ينقطع ، هناك إيجابيات ، تم وضع خارطة طريق ” لكن كل هذا الكلام الكبير يسقط أمام حقيقة واحدة : الحكومة لم تتألف بعد لأن الجوع إلى السلطة والحقائب ” جوع مزمن ” .