كشف الكوفيد 19 كل ضعفنا.
فمنذ دخوله الى لبنان في شباط الفائت، تأكد الجميع أن هذا البلد لا داتا فيه ولا أرقام يبنى عليهما. قبل الكوفيد، كان واضحا أن الداتا غائبة في المال والاقتصاد، فلا أحد يستطيع حتى اليوم أن يعلن رقم خسائر الدولة أو المصرف المركزي أو المصارف أو المودعين.
حتى الـimf، عجز عن الحصول على رقم خسائر محدد، يبني على أساسه برنامج المساعدة مع الدولة اللبنانية.
في مساندة الفقراء أيضا، غابت الداتا، فالدولة لا تعرف عدد العائلات الفقيرة أو الواقعة تحت خط الفقر المدقع، لتقدم لها المساعدة.
لم يتوقف ضياع الأرقام وحتى غيابها عند المال والاقتصاد، فكلما تقدم فيروس كورونا كلما انكشف ضعف الداتا، سواء على مستوى جهوزية المستشفيات الحكومية أو الخاصة، قدرتها الاستيعابية، حاجاتها من المسلتزمات الطبية، وصولا أخيرا الى موضوع أجهزة الاوكسجين، سلاح المعركة ضد الكوفيد 19.
حتى تاريخ وصول اللقاح ضد كورونا، في عالم الغيب، فمجرد القول إن اللقاح يصل تقريبيا في آوائل شباط من دون تحديد تاريخ واضح، يبعث على الشك.
غياب الداتا على أكثر من صعيد ليس صدفة، وتعامل كل أجهزة الدولة مع الأرقام على الورق ليس أيضا صدفة، وهو أوصلنا اليوم في قلب المعركة الصحية، ضعفاء تائهين.
ففعليا اليوم، تكثر اللجان والخطط ويقل العمل الحقيقي… تكثر المساعدات الحزبية والسياسية الفردية، فتضعف الدولة…
مع مطلع الاسبوع، سنسمع الكثير عن اللقاح وآلية توزيعه، وهو للمناسبة محور لقاء يعقد غدا بين وزير الصحة ونقابتي الأطباء والممرضين والجهات المعنية. سنسمع عن خطط وتشكيل خلايا أزمة في المناطق والبلديات لمواجهة كورونا، ولتخفيف الضغط عن المستشفيات. سنسمع عن مبادرات لتأمين مئات والاف آلات الاوكسجين، كما سنسمع عن خطط لإعادة فتح القطاع الصناعي.
لأن خوف اللبناني يتصاعد كلما تصاعدت الأزمة، وهلعه تخطى السوبرماركت والبنزين والدواء، حتى بلغ مرحلة التسابق عشوائيا على شراء آلات الاوكسجين وتخزينها في المنازل، بعيدا حتى عن حاجته لها، في وقت يتهافت السياسيون على تسجيل نقاط المساعدة وينشط التجار في جني الأرباح، مستغلين خوف الناس.
لكن السؤال يبقى: على أي داتا اعتمدتم لبناء هذه الخطط؟، من يعرف أعداد المصابين الفعليين بكورونا اليوم، مع تراجع عدد فحوص الpcr مع انقضاء فترة الأعياد؟، من يتتبع المصابين والمخالطين وكم أعدادهم، وأين مراكز حجرهم؟، من يستطيع أن يحدد مراكز الحجر وقدرتها على استيعاب المرضى ذوي الحالات البسيطة؟.
من يعرف عدد من توفى في المنازل من مصابي كورونا، ونتيجة ماذا تحديدا؟، نقص في ماكينات الاوكسجين او وجود أمراض مزمنة؟، من يعرف عدد آلات الاوكسجين الموجودة في المستودعات والبلديات ولدى التجار والجمعيات؟.
قبل تبلور كل الأرقام وكل الداتا، نكون في فوضى المحاولة التي لن تؤدي بنا سوى الى الفشل مجددا، في وقت يسقط المواطنون ضحية المرض والفقر وغياب الدولة.