“جمهورية التجاذبات” من دون منازع ، إذا قال أحد : أسود . يرد الآخر : أبيض … وطالما لا حكم بين المتنازعين ، تبقى الأمور عالقة ومعلقة .
أليس هذه ما يحصل على مستوى تشكيل الحكومة؟ تجاذب بين بعبدا وبيت الوسط ، ولا حكم بينهما ، لذا فإن الأمور عالقة ومعلقة .
إنتقل التجاذب إلى الملف القضائي المرتبط بتفجير المرفأ ، ما إن كفت يد المحقق العدلي القاضي فادي صوان ، بقرار قاض وعضوية مستشار ومخالفة مستشار ، حتى انقسم البلد بين مؤيد للقاضي صوان ومتعاطف معه ، وبين منتقد له طوال طوال فترة تحقيقاته .
بعد قرار كف اليد ، فتح ملف تجاذب جديد : من يخلف القاضي صوان ؟ اتجهت الأنظار إلى وزيرة العدل ماري كلود نجم التي اعادت تسمية القاضي سامر يونس والذي سبق ان سمته في 12 آب الفائت ، لكن مجلس القضاء الأعلى رفضه ، فلماذا أعادت تسميته مع علمها أن مجلس القضاء الأعلى سيرفضه ؟
يذكر أن القاضي يونس ، وإثر رفضه من قبل مجلس القضاء ، أصدر بيانا عنيفا لم يوفر مجلس القضاء الأعلى من انتقاداته ، ومما جاء في بيانه آنذاك : ” لسواي الذي وقف على أعتاب هذه الجهة السياسية أو تلك، ليقنص أعلى المناصب ويغنم أرفع المواقع، أن يشكر ، أما أنا فأقف، فقط، حيث يجلس أو يركع الآخرون. ” …
ويبقى السؤال : طالما ان القاضي يونس على هذا التباعد مع مجلس القضاء الأعلى ، فلماذا اعادت وزيرة العدل تسميته ؟ هل لتطرح الإسم الحقيقي الذي تريده ؟ وهل أصبح في الجيب ؟
وفيما الإرباك يتحكم بملف المرفأ ، تبدو قضية لقمان سليم تتقدم أميركيا : رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي غريغوري ميكس، وعضو اللجنة مايكل مكول، أرسلا مذكرة إلى الرئيس جو بايدن، طالباه بموجبها بمحاسبة قتلة لقمان سليم بموجب قانون ماغنيتسكي ، ومما جاء في الكتاب :
” نحثك على النظر في استعمال سلطة “ماغنتسكي” لتحديد رد مناسب على مقتل سليم. كما ونحثك على النظر باي معلومات ذات صلة، بما فيها تلك المتعلقة بحكومتي ايران ولبنان، اذا كان الامر مناسبا في تحديد هذا الرد.” .
ملفا المرفأ ولقمان سليم ، على أهميتهما وخطورتهما ، لم يحجبا الضوء عن ملفات لم تسقط إلى الدرجة الثانية على رغم كل الإنشغالات ، فملف كورونا في صلب الإهتمامات في ظل تحدي تنظيم التلقيح ومواصلة إجراءات الوقاية خصوصا ان البلد على عتبة مرحلة جديدة قد تشهد تخفيفا للقيود في بعض القطاعات . لكن في مقابل المرحلة الجديدة هناك معطى في غاية الأهمية يجدر التنبه إليه ، إذا ثبت وفق الإحصاءات أن غالبية الإصابات في الشهرين الأخيرين جاءت من الجمعات العائلية داخل البيوت حيث يستعاض عن ” الضهرات ” بلقاءات داخل البيوت ، وإذا ما كان أحد مصابا فإن العدوى تنتقل إلى جميع من يكونون في ” الجمعة “.
أما بالنسبة إلى الملف الإقتصادي والمالي والمعيشي فإن السلطة التنفيذية أمام تحد هائل مرتبط بكيفية ضبط الأسواق والأسعار .
هذه الملفات على أهميتها ، لا تساوي حرقة قلب ودمعة أم عماد زهرالدين أحد ضحايا المرفأ … أم عماد تحمل صورة عماد متنقلة من اعتصام إلى اعتصام ولا تطالب سوى بألا يذهب دمه ودم الضحايا هدرا .