بعنوان واحد.. يمكن اختصار كلمة البطريرك الراعي:التصدي للانقلاب.
وهذا الإنقلاب، وهو الثاني من بعد الإنقلاب الاول على اتفاق الطائف، وراءه مخططون نشروا الفوضى وأسقطوا الدولة واستولوا على مقوماتها.
الانقلابيون هؤلاء، رفضوا كل الحلول وجعلوا الحوار الداخلي استحالة، وكي لا يحققوا الإنتصار الأخير على الدولة، رفعت بكركي الصوت مستنجدة بالعالم أجمع.
أنقذوا لبنان الكيان المستقل وما يمثل من خصوصية حضارية في الشرق، عبر مؤتمر دولي يثبت الحياد والحدود، ويؤسس على قوة التوازن وليس توازن القوى.
البطريرك الراعي لم يحدد هوية الانقلابيين، صحيح. وهو شدد في كلمته أكثر من مرة على فشل كل الجماعة السياسية، وعلى التمسك بكل الفئات اللبنانية، إلا أن رسائله لا بد أنها وصلت الى “حزب الله”.
فعندما يتحدث عن تحرير الدولة بعد الأرض، يكون يتحدث الى “حزب الله”، وعندما يرفض وجود دولتين وأكثر من جيش ضمن دولة واحدة، يكون يتحدث عن سلاح “حزب الله”.
رفع سيد بكركي سقف المواجهة، وفي رسالته أسمع العالم والداخل وجع اللبناني المريض. قال إنه لا يبحث عن المواجهة إنما عن الحل، عبر مقاربة كلمته بروح إيجابية.
فما يريده البطريرك الراعي، هو الخروج من المزرعة الى الدولة، التي قرر اللبنانيون بناءها. هو صارح ولم يجرح، وضع الإصبع على الجرح ولم يغرز سكين تحميل المسؤولية لطرف دون آخر.
فند سيد بكركي الشروط التي تهدم الدولة، تماما كما فند شروط بناء الدولة. وما فعله اليوم، هو دعوة صريحة وواضحة لحوار داخلي يؤسس للبنان جديد، بشروط دولة حقيقية لا قوي فيها ولا ضعيف.
لبنان يستطيع أبناؤه أن يتحاوروا فيحددوا مقومات دولة قابلة للحياة من دون حروب، وأن يصححوا ما لا ينطبق على هذه الدولة بشجاعة. قرع البطريرك جرس الإنذار الذي يكاد أن يكون الأخير ….إذهبوا الى الحوار من دون استقواء ولا شروط مسبقة، وإلا فليأت العالم لنجدة لبنان وانقاذه.
فهل يقرأ الساسة اللبنانيون وعلى رأسهم “حزب الله” بروية وهدوء وحنكة وصدق، نداء الصرح البطريركي؟. وهل يتحرك هؤلاء للبحث عن تطوير النظام ومن ضمنه المسائل الأساسية المرتبطة بالاستراتيجية الدفاعية واللامركزية الإدارية وقيام الدولة المدنية، من دون أي جنوح صوب فرز اللبنانيين او إنقسامهم؟.
قال البطريرك كلمته .. وهو لن يمشي … فلبنان يكاد يزول، ونحن مع البطريرك الراعي ..نريد للبنان الحياة…