Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”LBCI” المسائية ليوم الخميس في 18/3/2021

عادة المكتوب أفضل من الإرتجال، وإلا نصبح في مباراة زجل، مع الإحترام الكلي لفن الزجل. لكن في السياسة، لا الرئيس عون ارتجل ولا الرئيس الحريري ارتجل مساء أمس بل صدر عن كل منهما كلام مكتوب معد بإتقان، وبالتأكيد تمت مراجعته أكثر من مرة، وهو الذي يبنى عليه لا على الكلام المرتجل، خصوصا ألا أحد منهما طلب شطبه من محضر الصراع بين بعبدا وبيت الوسط.

الرئيس عون قال في كلمته المكتوبة: “أدعو الرئيس المكلف إلى قصر بعبدا من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير”.

صعد الرئيس المكلف إلى قصر بعبدا لكنه “لم يؤلف فورا” بل اعلن أنه سيعود إلى بعبدا الاثنين المقبل.

الرئيس عون قال في كلمته المكتوبة: “أما في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه ان يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف”.

حتى اليوم لم ينجح الرئيس المكلف في التأليف لكنه لم يفسح المجال لقادر على التأليف كما طلب منه رئيس الجمهورية، لكنه طرح معادلة أخرى: إعتذاري في مقابل تقصير ولايتك.

هذا الكم من الكلام المكتوب والمراجع بإتقان، كيف يمحوه كلام مرتجل؟ لم تعد القاعدة: كلام الليل يمحوه النهار، بل كلام الليل يمحو كلام النهار، وعليه فإن التحليل يفترض أن يعتمد ما قيل ليل أمس لا ما قيل اليوم، وفي مطلق الأحوال فما حدث اليوم في اللقاء السابع عشر، كان هادئا في الشكل لكنه مشدود في المضمون، لم يحمل الرئيس المكلف تشكيلة كاملة، وعندما سأله الرئيس عما إذا كان لديه أسماء وزراء حزب الله، أجابه بالنفي.

الرئيس أعاد التأكيد على ثلاثة مبادئ: ان تكون الحكومة متوازنة وميثاقية ومن اصحاب الإختصاص “ولا أوقع على تشكيلة لست موافقا على الأسماء فيها”.

في الخلاصة، كانت هناك محاولة للتهدئة لكن التعقيدات أكثر عمقا من هدوء لفظي، فكيمياء التفاهم لم يعد قائما بين الرئيس عون والرئيس الحريري، فكيف يجلسان على طاولة واحدة في ظل انعدام الثقة بينهما؟ وماذا سيكون عليه وضع جلسات مجلس الوزراء، في حال تشكلت الحكومة، إذا كانت العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على هذه الدرجة العالية من “التكهرب” وانعدام الثقة؟

وحتى لو أدار حزب الله كل محركاته لإعادة وصل ما انقطع بينهما، فإن هذه المحاولة لم تعد تكفي لأن الهوة باتت عميقة بين بعبدا وبيت الوسط، فإذا كان أحد وجوه المشكلة العواصم: طهران وواشنطن، فإن الإعتبارات الشخصية أحيانا أقوى من تصلب واشنطن وطهران.

أما إلى أين يوصل التعنت الشخصي؟ وما هي كلفته على الناس، فمن قال لكم إن السياسيين “يسألون”؟