كلما تتحلل الدولة كلما يستقوي الزعران، وتقوى المافيات والكارتيلات، ويستخدم فائض القوة من هنا، ليقابل بميني ميليشيا سرا من هناك.
وقعت واقعة الرمان المهرب، فأكدت أن الدولة شبه جثة، يمر فوقها الزعران، إما لأنهم لا يعترفون بوجودها أصلا، وإما الأسوء، لانهم محميون من بعض من أمنها، وبعض من سياسييها، وبعض من زعمائها، يتقاسمون معهم الغلات، ويعبرون بعمليات تهريبهم الحدود “على عينك يا دولة”.
واقعة الرمان، المهرب حسب المعلومات، من سوريا الى لبنان عبر الحدود البرية، وما أدراكم بالتهريب عبر هذه الحدود الشرعية، او تلك القريبة منها غير الشرعية، هي جزء صغير من سرقة العصر التي ينفذها الزعران وحاموهم، بحقنا كلنا.
وكلنا هنا، يعني “الأوادم”، الذين أصبح أقصى طموحهم، استرداد شيء من جنى عمرهم المنهوب، او حتى منع سرقة ما تبقى منه في المصرف المركزي، وهو 16 مليار دولار.
عندما قاطعت السعودية المنتجات الزراعية اللبنانية، تحت شعار حماية مواطنيها من آفة المخدرات، انهار اللبنانيون والقطاع الزراعي. انهاروا لأنهم حرموا من الـfresh دولار، وللعلم فقط، وبحسب الجمارك فان السعودية استوردت العام الفائت 29,3 مليون دولار من المنتجات الزراعية.
حق المزارعين أن يصرخوا، وحق اللبنانيين أن يخافوا، ولكن ما هي ال29,3 مليون دولار خسارة، مقابل ال500 مليون دولار دعم، التي تسرق منا شهريا؟. “احسبوها منيح”، 500 مليون دولار، تسحب مع كل نهار، وشهرا بعد آخر، لدعم اللبنانيين بالمواد الأساسية، من جيب اللبنانيين.
والأنكى، أن المواد المدعومة هذه، لها مهربوها، وتجارها، وحاموها، ومافياتها، وبعض من الأجهزة الأمنية والزعماء والسياسيين الذين يستفيدون منها. وقف الدعم، كوقف التهريب، يحتاج لشجعان، يتحدون كل هؤلاء، فيتخذون القرار، الذي هو سياسي بامتياز، بعيد عن محاولة تخبئته خلف التقنيات والتمويل.
قرار لا تريد حكومة تصريف الأعمال اتخاذه، ولا يريد الرئيس المكلف سعد الحريري تحمله، أما النواب فإما مستفيدون وإما عاجزون وإما غائبون.
بين الدولة الجثة، واستقواء الزعران، وتواطئ السياسيين وبعض الأمنيين وبعض الأحزاب، يدفع “الأوادم” الثمن. والمعادلة اليوم هي “الزعران بوج الأوادم”. ولا بد أن نربح، نحن الأوادم، ولو بعد حين.