عندما تحدث الرئيس نبيه بري عن مهلة أسبوعين لا اكثر لإنعاش فرصة تأليف حكومة إنقاذية، قال ما قاله لأنه يعرف أنه بعد ذلك “بكون اخترب بيتنا”.
على هذا الأساس بادر بري، مدعوما من “حزب الله” و”الشغل ماشي”، علما ان لا نتيجة ملموسة حتى الان، سوى تقدم واحد وحيد : مبدأ تعاطي طرفي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بايجابية.
العد العكسي للمبادرة الجديدة انطلق، وهو يدخل في سباق سريع مع الانهيار الكبير،انهيار تشتد معالمه يوما بعد آخر، من طوابير ذل البنزين، الى طوابير الادوية المفقودة، إلى شح أوكسجين المستشفيات، الى الكهرباء التي تكاد تتحول الى ذكرى.
وفي هذا الإطار، علمت الـ LBCI ان وزير المال غازي وزني وقع فتح اعتماد بقيمة 90 مليار ليرة لبنانية فقط، سلفة، من اصل 300 مليار اقرها القانون، لتأمين استمرارية العمل في مؤسسة كهرباء لبنان، وفتح الاعتماد هذا ارسل الى المصرف المركزي ليبني على الشيء مقتضاه غدا.
فهل يؤمن المركزي مبلغ التسعين مليار ليرة من الاحتياطي الالزامي؟ وإذا لم يفعل، هل تكر سبحة العتمة اعتبارا من حزيران، بدءا بإطفاء معمل الذوق القديم في الأول منه، الى ما بعد بعد الذوق.
الانهيار الكبير، لم يقف عند حدود بلادنا او يومياتنا، بل وصل الى فرنسا، وشكل جزءا من المحادثات التي اجراها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع قائد الجيش العماد جوزاف عون. اللقاء الذي طلبه ماكرون، اكد في خلاله الوقوف الى جانب لبنان وشدد على دعم الجيش.
هذا في وقت علمت الـ LBCI أن باريس تعمل على اعداد مؤتمر دولي برعاية الامم المتحدة لتأمين طلبات صمود المؤسسة العسكرية امام الانهيار المالي والاقتصادي .
قرار عقد المؤتمر كان قد طرح خلال المحادثات التي اجراها العماد عون امس مع وزيرة الدفاع الفرنسية التي قالت ان بلادها ستكون المحرك للمؤتمر مع سائر الدول، على ان يعقد مبدئيا في منتصف حزيران او آواخره. والمؤتمر سيخصص لتأمين المستلزمات الحياتية للجيش، من طعام، الى طبابة، الى المشتقات النفطية للاليات العسكرية، وصولا حتى الى توفير دعم مادي لعناصر الجيش لاستمرار حياتهم الاجتماعية .
مشهد اشتداد الخناق على لبنان، لا يشبه عمليا مشهد التسوية الهادئة في المنطقة، ولعل ابرز مؤشراتها ما اعلنه الرئيس الايراني حسن روحاني اليوم قائلا :
جميع الأمور أصبحت جاهزة الآن لإعادة تفعيل الاتفاق النووي، و واشنطن مطالبة باتخاذ الخطوة الأولى لرفع العقوبات عن طهران.
في هذا الوقت، عرض الرئيس المصري على وزير الخارجية الاميركي ضرورة اعادة اسرائيل والفلسطينيين الى حوار مباشر بانخراط أميركي فاعل.
أجواء التسوية، قد تنسحب على سوريا، التي شهدت ثاني انتخابات رئاسية منذ الحرب، اليوم، ستأتي ببشار الاسد مجددا الى القصر الرئاسي، على الرغم من تنديد الولايات المتحدة وعدد من الدول الاوروبية بها لاعتبارها غير نزيهة .
بين الانهيار الكبير، والتسوية الكبرى، ابحثوا ايها السياسيون عن حل اسرع من الاثنين، والا ستأتي التسوية على حسابنا كلنا كلبنانيين، وقد فقدنا ادنى مقومات الحياة.