“يا فرحة ما تمت”… هكذا يقول المثل، وهو أكثر ما ينطبق على تطورين ماليين: الدفع بالدولار والكابيتال كونترول، فما إن جاءت البشارة من مجلس النواب ومن مصرف لبنان حتى خرج صندوق النقد الدولي بموقف أقل ما يقال فيه إنه ينسف ما اعتبر لبنانيا أنه إنجاز.
في نقد الكابيتال كونترول، يقول صندوق النقد الدولي إنه لا يرى حاجة لأن يطبق لبنان قانون ضبط رأس المال الآن دون دعم أو سياسات ملائمة مالية وأخرى لسعر الصرف.
وفي نقد قرار مصرف لبنان بإعطاء جزء من الودائع بالدولار، يسأل صندوق النقد الدولي أنه ليس واضحا كيف سيتم تمويل السحب المزمع من الودائع نظرا للتراجع الحاد في العملات الأجنبية بلبنان في السنوات الأخيرة.
صندوق النقد الدولي الذي انتظر التشريع اللبناني وتعميم حاكم مصرف لبنان، من شأنه أن يحدث بلبلة خصوصا أن بداية أي تعاف مالي في لبنان يفترض أن يمر عبر صندوق النقد الدولي، فهل يؤدي موقفه اليوم إلى فرملة ما تم اتخاذه؟ وهل تتلقف المصارف موقف صندوق النقد لتتحرر مما سيطلب منها؟
وفي تطور دولي مالي بارز، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا تعمل على إنشاء نظام تمويل دولي يضمن استمرار عمل الخدمات العامة اللبنانية في حال حدوث أي اضطراب سياسي في البلاد.
يأتي هذا الموقف قبل اسبوع من المؤتمر الذي سينعقد في باريس لدعم الجيش اللبناني.
في الداخل، “النقار” يجري حول خزنة شبه فارغة، ومن الخطأ الإعتقاد بأن المعالجات تقنية. المعالجات سياسية بامتياز وتبدأ بتشكيل حكومة جديدة، لكن، وللمفارقة، فإن بعض القوى المؤثرة في عملية التأليف، تتصرف وكأنها في مرحلة التكليف: خطان متوازيان يسيران في الملف الحكومي، فمن جهة مازالت المساعي قائمة لإكمال “puzzle” حكومة ال 24 وزيرا، وفي الوقت عينه يجري الحديث عن بديل من الرئيس المكلف، علما بأن المتحدثين بهذا الخيار فاتهم تفصيل صغير وهو أن أي تكليف جديد يحتاج إلى اعتذار الرئيس المكلف، وما دون ذلك “المناورون يتسلون” علما ان الزمن ليس زمن تسلية على الإطلاق:
أرتال السيارات تحت رحمة خراطيم محطات المحروقات.
أكثر من أربعة آلاف لبناني يعانون قصورا كلويا، فيما المستلزمات الطبية عالقة بسبب القصور في تسديد الفواتير السابقة، وهذا الكباش بين وزارة الصحة ومصرف لبنان يدفع ثمنه المريض.