صار صعبا أخذ ملفات الفساد بالمفرق، لأن القاعدة هي الفساد والأستثناء إيجاد ملف غير فاسد: من الدجاج الفاسد إلى اللحوم الفاسدة إلى الأسماك الفاسدة إلى الزيوت النباتية الفاسدة وما لا يكون فاسدا، يكون منتهي الصلاحية أي المفعول ذاته، كالحليب المجفف، وعذرا إذا سقط سهوا أي من الملفات.
والفاسدون أو مصنعو المواد الفاسدة أو تجارها، جشعون أيضا، فالكميات التي ينزلونها إلى الأسواق تقاس بالأطنان، “والشباب آخدين راحتهن” لأنهم يشعرون بأنهم أقوى من المساءلات:
في البقاع مصانع زيوت نباتية فاسدة وغير مطابقة، في بعض أحياء طرابلس لحوم لا تخضع للمراقبة، تماما كما بالأمس دجاج فاسد، وبالأمس ايضا أسماك نافقة كانت تباع في الأسواق. وبالأمس القريب حليب مجفف منتهي الصلاحية.
ماذا على المواطن أن يفعل؟
هل يضرب عن الطعام ليتفادى السموم التي تباع له على أنها مواد غذائية، وبأسعار غير مدعومة؟
“طيب وشو حلتها مع بعض التجار والصناعيين والمستوردين”؟
فإذا كانت الدولة غير قادرة على وضع حد لهم، هل كأنها تقول للمواطن: خذ حقك بيدك منهم؟
هذا التاجر أو الصناعي الذي يبيع دجاجا فاسدا ولحوما فاسدة وزيوتا نباتية فاسدة وأسماك فاسدة، وجميعهم معرفون، لماذا لا تعلن أسماؤهم ومتاجرهم وأسماء سلعهم ليتفاداهم المستهلك؟
هؤلاء سيستمرون في إجرامهم طالما أن الجرائم في لبنان تمر من دون عقاب.
أكثر من ذلك، كيف يطمئن المواطن إلى ان الدولة ستضبط معابر التهريب من لبنان إلى سوريا إذا كانت غير قادرة على ضبط “المعابر” إلى مكب برج حمود؟
“طيب” إذا كنتم عاجزين عن ضبط دخولهم إلى المكب، هل أنتم عاجزون عن توقيفهم لدى خروجهم؟
كان المطلوب الفرز من المصدر فصار الواقع الفرز الفوضوي في المكب.
مؤسف، من لا يضبط مكبا، كيف يضبط جمهورية؟