أيها الدستور… أيتها القوانين… كم من هرطقات ترتكب باسمكم؟
تتم الدعوة إلى اجتماع في قصر بعبدا لبحث أزمة المحروقات… فيغيب عنه رئيس الحكومة… يحضره وزيرا المال والطاقة وحاكم مصرف لبنان.
يقول البيان الرسمي: “تقرر اتخاذ اجراءات عملية استثنائية لتمكين مصرف لبنان من القيام بالترتيبات اللازمة للحد من تمدد الازمة، في انتظار التشريعات التي يجري درسها في مجلس النواب، والتي من شأنها توفير الحلول الشاملة في ما يتعلق بموضوع الدعم”.
من الناحية الدستورية والقانونية، لا مفاعيل قانونية لهكذا اجتماع، وقراراته هرطقة، وطالب حقوق سنة أولى يدرك ذلك، فلا مفاعيل قانونية سوى لجلسة مجلس الوزراء.
لاحقا، يصدر بيان عن مصرف لبنان يرد فيه: “المادة 91 من قانون النقد والتسليف تفرض على مصرف لبنان أن يمنح الحكومة القرض المطلوب منها…”.
مهلا، هنا هرطقة ايضا… مصرف لبنان يستند إلى المادة 91 من قانون النقد والتسليف التي تتحدث عن أن الحكومة تطلب القرض… ولكن في هذه الحال ليست الحكومة من طلب، بل اجتماع في قصر بعبدا حضره وزيران وحاكم مصرف لبنان، وغاب عنه رئيس الحكومة…
إذا تبادل هرطقات: اجتماع القصر طلب بشكل مغاير للدستور، ومصرف لبنان لبى بشكل مغاير لمضمون قانون النقد والتسليف، وكل ذلك من أجل مد اليد على جزء من أموال المودعين، الذي إسمه الإحتياط الإلزامي، والسبب؟
لئلا تهتز الكراسي تحت من قرروا هذه الهرطقة… ولكن، وللعلم، فيا أيها المودع، ودع ما سيخرج من مصرف لبنان لدعم المحروقات لأن ما سيخرج لن يعود، وتذكر ديون مؤسسة كهرباء لبنان لخزينة الدولة. وكذلك فإن ما سيخرج من الاحتياط الإلزامي للمحروقات، سيصل قسم كبير منه إلى المهربين، وأنت لن يصلك شيء، علما أنك أنت من ستمول هذه الهرطقة الجديدة…
لماذا حصل ما حصل؟
لأن رئيس الجمهورية لا يريد أن تنفجر أزمة المحروقات في وجهه.
لان حاكم مصرف لبنان تكفيه مشاكل مع الرئيس، فإذا اعترض على ما تم تقريره في القصر، فسيتهم بأنه يساهم في تأجيج الغضب على العهد…
وهكذا، بين إصرار الرئيس على عدم انفجار قنبلة المحروقات، ولو من مال المودعين، وإصرار حاكم مصرف لبنان على عدم مراكمة الخلاف مع القصر، يدفع المواطن الثمن…
والأكثر قهرا أنه سيدفع من ماله لكنه لن يستطيع ملء خزان سيارته، لأن المهربين هم الأولى والمستهلكين في سوريا لهم الأفضلية…
إذا، قضي الأمر… التشليح والتشبيح يغطيه القانون، والهرطقة أصبحت أسلوب حكم… وبربكم لا تحاولوا النفي والتوضيح. ما فعلتموه اليوم لا يشبه الدستور ولا يشبه القوانين.
ليس بعيدا، كانت البطاقة التمويلية نجمة اللجان النيابية المشتركة، تم إقرارها على أن يستفيد منها نصف مليون مواطن، وان يكون حدها 137 دولار في الشهر، بموجب مشروع قانون تقدمه الحكومة الى مجلس النواب، بحسب ما بشر نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، ويبقى السؤال: من أين سيتأمن التمويل؟