حسمت الولايات المتحدة قرارها، واصبح بقاؤها في افغانستان عبئا لن تتحمله بعد الحادي والثلاثين من آب الفائت. فالرئيس الاميركي جو بايدن رفض تعريض جنوده على الارض الافغانية لاي خطر تشكله طالبان بعد هذا التاريخ، واراد ان يقول للعالم اجمع في الذكرى العشرين لتفجيرات 11 ايلول: اتممنا المهمة الافغانية واعدنا جنودنا الينا.
الصور التي رافقت الانسحاب الاميركي من افغانستان، اظهرت فوضى مزعجة للناخب الاميركي، وتكرارها ممنوع سواء اكان في العراق، حيث اتخذ قرار بتحويل القوات الاميركية العاملة هناك من قتالية الى قوات تساهم في تدريب القوات العراقية مع حلول آواخر العام الحالي، او في لبنان، حيث كاد الجيش اللبناني يتخطى عبر استقالات عناصره وفرار بعضهم من الخدمة الخطوط الحمر.
ضغطت واشنطن، ومعها باريس وشكلت الحكومة، وما تريده الولايات المتحدة منها امران اساسيان :
كيفية التعامل معها لتأمين المساعدات للمؤسسات الانسانية، وتأمين اجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقبل في أيار 2022.
يعرف الرئيس نجيب ميقاتي وكل فريق عمله ان المهمة صعبة. فالموضوع لا يرتبط بالشروط الخارجية ولا الطلبات الداخلية، انما هو كيفية استعادة ثقة المجتمع الدولي بالسلطات اللبنانية، واستعادة ثقة اللبنانيين بمسؤوليهم.
على هذا الاساس، سيحاول ميقاتي ومعه وزراء حكومته، العمل بهدوء وسرعة وحسم على تفكيك الغام ملفات كبيرة، تساعد حلحلتها على التخفيف من سرعة الاصطدام الكبير.
اول هذه الملفات التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي سيخوضه ميقاتي ومعه وزير المال يوسف الخليل، ليليه ملف الطاقة، ووضع الاولوية للاصلاحات المطلوبة، والتي للمناسبة، لن يدخل دولار واحد الى لبنان من دونها، وصولا الى الملف الاجتماعي المقلق: من اين سيأتي الفريق الحكومي بالاموال للناس ولعناصر الجيش والاجهزة الامنية الاخرى كي تتمكن من شراء المواد الاساسية التي رفع الدعم عنها كلها باستثناء البنزين، وهو الامر الذي سيحصل الاسبوع المقبل، بحكم الامر الواقع.
وتزامنا مع رفع الدعم وطوابير الذل، يتوقع وصول باخرة الفيول الايرانية لمساعدة لبنان الى بانياس في سوريا في غضون ساعات قد لا تتعدى الثماني والاربعين، فهل يتزامن وصولها والصورة التذكارية الاولى للحكومة الجديدة؟ ممكن.. لكن ذلك ليس سوى تفصيلا صغيرا في puzzle كبير، فلا احد يريد منع وصول الباخرة، لا واشنطن ولا غيرها، بل المطلوب وصول المواد الاولية، والتأكد من عدالة توزيعها على كل اللبنانيين ومن الشمال الى الجنوب، منعا لبروز صور جديدة عن شعب يذل طلبا للمحروقات او يموت بسبب نقصان دواء او اغلاق مستشفى.