حين غنت ريمي بندلي أغنية “عطونا الطفولة. عطونا السلام عام 1984، وكان عمرها خمسة أعوام فقط، لم يستمع إليها امراء الحرب، لأنهم كانوا متلهين بالحرب.
اليوم، وبعد سبعة وثلاثين عاما، ما زالت الأغنية موجودة، وما زال أمراء السياسة موجودين، يتبادلون حروب المغانم والفساد، وسوء إدارة الدولة، ما أدى إلى إفلاسين، وهذه ظاهرة غير مسبوقة، إفلاس الدولة وتفليس الشعب، ومع ذلك ما زلوا يتكلمون، وغالبا بأصوات مرتفعة إلى حد الصراخ، من دون أن يكون لصراخهم نتيجة، سوى النتائج السلبية:
ينقطع الدواء، يصرخون ويتبادلون التهم.
ينقطع كل شيء، حتى الأوكسيجين، يصرخون ويتبادلون التهم، كأن الصراخ هو العلاج، كأنهم لا يدركون أن البلد في انهيار، وهم مسؤولون عن هذا الإنهيار. كأنهم أضاعوا الروزنامة التي تنبئهم بأن غدا يبدأ شهر الأعياد، ولا شيء يعطونه لمواطنيهم سوى الصراخ والاشتباك الكلامي.
هيك ما فينا نكفي، “عطونا سكوتكن”.
ولأننا “هيك ما فينا نكفي”، أضاءت نايلا التويني وشارل عربيد شمعة، بدلا من أن يلعنا الظلام.
الشمعة هي حملة “صفر اشتباك”… هل يطلب اللبناني من السياسيين كثيرا إذا طلب منهم “صفر اشتباك” في هذا الشهر؟ مطلوب منكم هدنة قسرية، حتى ولو لم تريدوا ذلك…”مش تحت أمركم”.
الناس يريدون أن يشعروا بشهر العيد… يريدون أن يعيدوا… يريدون أن يزينوا شجرة الميلاد ويضيئوا الشموع حولها، لأنكم حرمتموهم من الكهرباء. يريدون أن يشاهدوا حركة المطار، فيها من الوافدين ليعيدوا، أكثر مما فيها من المغادرين بعدما هجر العيد لبنان.
يريد الأطفال أن يزورهم بابا نويل لا أن يملأ معاليكم وسعادتكم الشاشات صراخا واتهامات وشتائم.
“صفر اشتباك” لا نستجديها منكم بل نأمركم بها، ولا نتوانى عن القول لكم “استحوا على دمكن”.
إذا كنتم تجهلون فعل العطاء، فعلى الأقل مارسوا فعل الصمت، فكلامكم لا يقدم أو يؤخر، لا بل يؤخر ويتسبب بأجواء اشتباكية تلوث شهر الأعياد.
“عطونا سكوتكن” وخففوا من تلوث الإشتباك الذي تمارسونه يوميا، واستعدوا اعتبارا من غد “صفر اشتباك”.