ليست المرة الأولى التي يشن فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هجوما على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في محاولة لتعبيد الطريق أمام إقالته.
فرئيس الجمهورية، وبعد تكاثر الدعاوى في أوروبا والداخل اللبناني ضد الحاكم من دون أي ترجمة عملية لها، وبعد إعلان إتحاد موظفي مصرف لبنان المركزي، رفضه تسليم البيانات الشخصية إلى شركة التدقيق الجنائي الفاريز أند مارسال، ما قد يعرقل التدقيق.
ذهب بعيدا هذه المرة في هجومه، قائلا: المحاسبة آتية، والقضاء على موعد معها، لأن العدالة تتجاوز كل إعتبار، سيما في ضوء المعوقات التي قد تمنع المساءلة في مجلس الوزراء عملا بالمادة 19 من قانون النقد والتسليف.
الحاكم رد على الرئاسة الأولى، ففند الخطوات التي قام بها لتسهيل التدقيق الجنائي، وأكد أن كل المعلومات المطلوبة أبلغت إلى وزارة المال، متمنيا إتخاذ القرار بالمباشرة بالتدقيق.
عمليا، ليتحرك القضاء، يجب أن يدعي على الحاكم، بأي جرم أولا؟ ومن هي الجهة التي ستدعي ثانيا؟ فهل تتحرك النيابة العامة التمييزية عفوا، أم بطلب من وزير العدل؟ هل تدعي رئاسة الجمهورية وهو أمر مستبعد، أو تتخذ صفة الإدعاء الشخصي وممن؟
في كل الأحوال، وحتى لو صدر حكم قضائي في تأخير الحاكم لقرار إتخذته السلطة، فإن إقالته يجب أن تمر عبر مجلس الوزراء الذي سيصوت على القرار، وبأغلبية الثلثين بحسب المادة 65 من الدستور، وهنا عود على بدء، فمن أين تؤمن هذه الغالبية؟
تأمين الغالبية شبه مستحيل، فالأطراف السياسية المتمثلة في مجلس الوزراء مواقفها معروفة ومتناقضة، تماما كما هي معروفة مواقفها وتناقضاتها، إن كان على صعيد مناقشة الموازنة وبنودها، أو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أو غيرها من الأمور الهامة التي تمس اللبنانيين في يومياتهم.
من هنا، ربما جاءت دعوة البطريرك الراعي لمؤتمر دولي، لحل الأزمة اللبنانية، بعد الإنتخابات، علها تأتي بمجلس نواب جديد قادر على إدارة هكذا حوار.