Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “LBCI” المسائية ليوم الأحد في 10/7/2016

عاش من مهنته ومات من مهنته. عاش من قلمه ومات من قلمه. خمسة وسبعون عاما وقلمه لم يتقاعد، بل بقي يكتب حتى الرمق الأخير، فمات في المكان الأحب إلى قلبه صومعته، وفي الزمان الأحب إلى قلبه الكتابة.

هو ليس ايلي صليبي، هو الاستاذ إيلي أبو زياد. حين يكتب ترتاح الأقلام، وحين يقرأ تصمت الحناجر. لم تتغنج الكلمة ولم تتدلل، كما تغنجت وتدللت بين يده واليراع. فحتى في الخبر المأساوي، ينحت في الكلمات تحفة فنية. كان يفكر طويلا ويكتب سريعا، وكأنه صياد ينتظر وحي الكلمة ليلطقها، ويضعها على الورق الذي كان يمزق منه بعدد ما يكتب عليه. فهو يأبى ان يوقع على مقدمة أو تعليق أو خبر لا يدخل في باب الروائع.

أستاذ ايلي تاريخ في التواريخ. لا يكتب تاريخ “تلفزيون لبنان” إلا وله فيه فصل مميز. لا يكتب تاريخ اذاعة “صوت لبنان” إلا وله فيه فصل مميز. ولا يكتب تاريخ الـ “LBCI” إلا وله فيه فصل مميز. ولا يكتب تاريخ الكثير من المؤسسات الاعلامية إلا والاستاذ ايلي فصل مميز في كل منها.

حين كان يكتب، كان التنافس محموما لقراءة ما يكتب، فقراءة كلماته مهم بمقدار أهمية كلماته. فكما يعطي الكلمة من روحه وقلبه وعقله، هكذا كان يريد لمن يقرأها ان يعطيها من روحه وقلبه وعقله. لم يكن مبتكرا وخلاقا في المقدمة والتعليق وحسب، بل في التسميات، فكم من أسماء برامج هو الذي سماها وهي التي تلقى الرواج الواسع، وكم من الألقاب المحببة كان يطلقها على الزملاء، فكانت هذه الألقاب هي الحاضرة ليغيب الاسم الحقيقي.

الاستاذ ايلي لم يكن استاذا في الصحافة وحسب، بل كان مدرسة حين عزت المدارس الصحافية. كتب الحب والأمل، كما كتب الحزن واليأس. كتب في الهواء الطلق كما كتب وراء أكياس الرمل.

استاذ ايلي من سوء طالع هذه الكلمات انها لن تصل الى مسمعك، انها كلمات يتيمة، لأنها ككل الكلمات كانت تتمنى لو انها حظيت بشرف ان تسمعها، ولكن لا بأس فالكثير من الكلمات التي أودعتها مكتبتك القيمة ستبقى الشاهد على عصر صحافي عبر العصور ولا يتكرر، يكفينا فخرا اننا مررنا بعصرك، استاذ ايلي شكرا لك.