على قاعدة الاتكال على مرض النسيان، تسير الدولة اللبنانية بسلطتها ومواطنيها. منذ نحو عامين أغلق مطمر الناعمة وغرقت الشوارع بالنفايات، وابتدعت الحلول غير المنطقية وأقفل الملف، ولم يتكبد أحد عناء المساءلة: من وراء الكارثة البيئية حينها ومن المنتفع منها؟.
اليوم، وبعد حوالي ستة أشهر على تطبيق خطة النفايات الأولى، والتي اعتمدت في الأصل على انشاء مطمري الكوستا برافا وبرج حمود، فجأة برز ملف الكوستا برافا والغدير وطيور النورس. على الارجح سيغلق الملف كما فتح، ولن يتكبد أحد عناء المساءلة: لماذا تحول الكوستا برافا والغدير فجأة إلى كارثتين بيئيتين ولأي هدف؟. ومن حمى قرار التضحية بالطيور حماية للمصالح الكبرى؟.
منذ اثني عشر عاما تعيش الدولة بلا موازنة، وقطع الحساب نجم الخلاف المالي بين “التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل”. فهل من يكمل عناء المساءلة أم ان التفاهم السياسي سيظلل بدفئه قطع الحساب؟.
أخيرا، ومنذ العام 1960 تجري الانتخابات النيابية على أساس قانون “الستين”، قانون أمن للسلطة السياسية تكرار نفسها. وهنا أيضا لم يتكبد أحد عناء العمل على التغيير الحقيقي، فالكل يعمل على تخييط قانون بتفاصيل الدوائر والرابح والخاسر، وهو سيؤمن مجددا للسلطة الحاكمة الاستمرارية.
هذا الأسبوع سيعود العمل التشريعي إلى المجلس النيابي، ولو بغياب القوانين المصيرية. وهذا الاسبوع ستلتئم الحكومة، ولو أيضا بغياب قانون الانتخاب والموازنة عن جدول الأعمال. فهل سيغلب مرض النسيان مجددا، ام ان وقت التغيير والحساب قد حان؟.