ضبوا الزعران.
قبل حرب غزة ومعركة رفح، وقبل جبهة الإسناد في الجنوب، قبل عقدة الانتخابات الفرنسية وتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، قبل تداعيات المناظرة الرئاسية بين بايدن وترامب، قبل كل ذلك: “ضبوا الزعران”.
أيتها الدولة، ايتها الحكومة، أيتها الوزارات المعنية والقوى الأمنية المعنية، هناك فصيل قديم جديد من فصائل الزعران إسمه “أصحاب الباصات العمومية الخاصة”, لئلا نظلم الجميع، هناك مافيات تملك عددا من الباصات تعمل على الخط، ولأن الدولة حزمت أمرها وشغلت الباصات المقدمة هبة من الدولة الفرنسية، استشاط زعران الباصات غضبا وبدأوا بزعرناتهم مهددين بالويل والثبور وعظائم الأمور.
حينا يهددون بحزب، حينا آخر بتنظيم، أحيانا بحركة، أحيانا أخرى بعشيرة، يريدون ان يشغلوا باصاتهم وحدها، وما أدراكم ما باصاتهم، من قرف وأوساخ وسائقين لا تتوافر فيهم الشروط المطلوبة، ومع ذلك يهددون.
هذه المرة المواطن لن يشكوا بل عليه أن يواجه هؤلاء الزعران، وهذه المرة على الدولة ألا تسكت، لتضع عسكريا أو عنصرا أمنيا داخل كل باص للنقل العام، وكل مخالفة من اي صاحب باص، تتحول إلى إخبار ويجب ان تنزل أقصى العقوبات بحق المخالفين.
ما لم يحصل هذا الأمر، وسريعا، هللوا لولادة مافيا جديدة تضاف إلى مافيات المولدات والصهاريج، تصوروا مثلا أن تنجح الدولة أو اي قطاع خاص في تأمين الطاقة عبر الطاقة الشمسية، فقد تعمد كارتيلات أو أحزاب أو عشائر مولدات الكهرباء إلى ضرب مشاريع الطاقة الشمسية لأنه يضر بمصالحهم.
أو أن تنجح الدولة في تأمين المياه فيثور أصحاب الصهاريج، لأن رزقهم ينقطع.
باصات، مولدات، صهاريج، وغيرها… إنها الدولة العميقة الجديدة التي هي اقوى من الدولة إلى درجة انها تتحكم بها.
“بتحرز” ثورة على هؤلاء جميعا، ولتبدأ غدا ضد “فصيلة” زعران الباصات.