في التاسع والعشرين من كانون الثاني الفائت، وقع لبنان عقود الاستكشاف والتنقيب عن النفط في مياهه الإقليمية مع تحالف شركات النفط “توتال” الفرنسية، “نوفاتك” الروسية، و”إيني” الإيطالية.
بعدها بأيام جن جنون اسرائيل، واعلن وزير دفاعها افيغدور ليبرمان، ان البلوك 9 تعود ملكيته لبلاده بكل المقاييس، وعلى عادة تل ابيب، بدأت التهديدات. في ذاك التاريخ، كان جنون اللبنانيين في اوجه، وكانت الخلافات السياسية في ذروتها: يومها ايضا، تحركت الغرائز الحزبية والطائفية، معيدة للشارع صور حرب لم ينسها كثير من اللبنانيين.
فعلت تهديدات اسرائيل فعلها، اندملت الجروح اللبنانية الداخلية سريعا، فوجدت اسرائيل القوية نفسها، امام لبنان قوي لن يساوم على حقوقه.
بين ذاك التاريخ واليوم، ايام قليلة، استدعت تحركا اميركيا سريعا، فوصل دايفيد ساترفيلد، مساعد وزير الخارجية الاميركي الى لبنان، حيث باشر لقاءات سريعة، كان الغاز نجمها، تركزت حول استعداد واشنطن للعب دور الوسيط بين لبنان واسرائيل، وذلك قبل ايام من وصول وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلليرسون الى بيروت الاسبوع المقبل.
وساطة تكتم عنها الوفد الاميركي والسلطات اللبنانية، الى ان كشفها وزير الطاقة الاسرائيلي بعد الظهر، معلنا ان بلاده تسعى الى حل مع لبنان عبر وساطة اجنبية لم يحددها، وانها مستعدة للمضي قدما وصولا الى حل ديبلوماسي.
وفيما علمت الـLBCI ان اسرائيل، تضغط في اتجاه وقف الاعمال النفطية في المنطقة حيث البلوك 9 حتى التوصل الى حل، شددت مصادر وزارية على ان تحول لبنان الى بلد نفطي بدأ ولن يتوقف، وان لبنان بقدر تأكيده ان لا مطامع لديه في موارد اسرائيل النفطية، يعلن بملء الصوت انه لن يسمح بأي اعتداء اسرائيلي عليه.
بكلمة واحدة، تحدت بيروت تل ابيب، ولم تغلق باب الوساطة الاميركية، وهي كما فعلت في النفط، فعلت في موضوع بناء الجدار الاسمنتي على حدودها الجنوبية، فبعدما ابلغ الجيش اللبناني عبر الامم المتحدة الجيش الاسرائيلي في الناقورة امس، ان اي محاولة لبناء جدار في المناطق المتحفظ عليها، تشكل عدوانا سافرا على السيادة الوطنية، جاء القرار الحازم اليوم: ممنوع الاقتراب من النقاط المتنازع عليها…..
لبنان القوي هذا، وفقط لكي لا ننسى، كاد يسقط في الهاوية منذ اسبوع، لكن، وبسحر اتصال رئاسي ولقاء ثلاثي، ابتكرت الحلول، وسيمرر مرسوم الاقدمية ومعه مرسوم الترقية، وكأن شيئا لم يكن، فهل من يسأل: ماذا لو سقط قتلى الاسبوع الفائت، شهداء ماذا كانوا سيسمون شهداء الجنون اللبناني مثلا؟