سربت مسودة البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب. البيان يقع في سبع عشرة صفحة، فيه مهلة زمنية للتطبيق تتراوح من مئة يوم إلى ثلاث سنوات، أي بالتزامن مع انتهاء عهد الرئيس ميشال عون. البيان فيه الكثير من الوعود ومن العزم على التطبيق.
يتحدث عن متابعة التحقيقات واتخاذ الإجراءات بخصوص الأموال التي حولت إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول خلافا للقانون. السؤال الكبير هنا: ماذ يعني “الأموال التي حولت خلافا للقانون”؟، كيف يمكن التحويل خلافا للقانون؟، هل هذا إقرار بمخالفة القانون من قبل المصارف التي حولت؟، وإذا كان الأمر كذلك، هل يشكل البيان الوزاري إخبارا للنيابة العامة المالية للتحرك واستدعاء المصارف التي خالفت؟، أم أن البيان الوزاري يبقى حبرا على ورق؟.
يرد في البيان أيضا: “استرداد الأموال المنهوبة من خلال إقرار مشروع قانون يكافئ من يساعد في الكشف عن الجرائم التي تستهدف المال العام، الذي يتبين أنه اكتسب بشكل غير شرعي ليصار إلى استرداده، بما في ذلك ما جرى تهريبه إلى الخارج لاسيما عبر المصارف”.
مقطع ممتاز، ولأنه ممتاز، لا بد من طرح الأسئلة بشأنه. السؤال الأول: هل هذا النص يعني أن واضعه واثق من اكتساب أموال عامة بطريقة غير شرعية؟، ما هو المطلوب من الذي يكشف عن جرائم المال العام؟، هل المطلوب تقديم وثائق؟، إذا كان الأمر كذلك فهذا تعجيز، ولكن هناك ما هو أسهل من ذلك، هل سمعت الحكومة بمظاهر الثراء، حين يتم توظيف شخص ما ويكون في حال اجتماعية ومالية دون الوسط، وتبدأ مظاهر الثراء ظاهرة عليه لجهة العقارات والسيارات الفخمة واليخوت وطريقة العيش، أليست هذه المظاهر كافية لاستدعاء هؤلاء، وهم بالمئات؟.
ماذا عن مدراء عامين ووزراء ومتعهدين وفائزين بمناقصات ومزايدات، وقد أصبح ثراؤهم فاحشا جدا؟، هل هؤلاء بحاجة إلى التفتيش عنهم وإغراء البعض لتقديم وثائق ومكافأتهم؟.
إلى الحكومة، وتحديدا لجنة صياغة البيان الوزاري: “الشمس شارقة والناس قاشعة”، وإذا كنتم إلى اليوم لا تعرفون من اكتسب المال العام بشكل غير شرعي، فلديكم مشكلة من أول الطريق.
ثم ماذا عن الإجراءات المصرفية؟، هل ستطال مدخرات جنى العمر على قدم المساواة مع الذين استفادوا من مئات الملايين نتيجة الهندسات المالية؟، هل دائما المواطن العادي هو الذي يدفع الثمن، في السلم وفي الحرب وفي المال وفي الإجراءات النقدية؟.
إجراءات دون شفقة، موازية للعب بالنار أو ببرميل بارود، أو بالإثنين معا.