ماذا بعد “نداء بكركي 27 شباط” للبطريرك الراعي؟
هذا المسار الذي بدأ في “عظة الحياد” الأولى في الخامس من تموز الفائت، وبلغ ذروته أمس في نداء الحياد والمؤتمر الدولي واللاءات السبع عشرة، هو الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل، ولا يعرف كم ستستغرق …
ومسارات كهذه لا تتحقق في يوم أو يومين، بل تستغرق شهورا وربما سنوات، وتفتش عن ظروف ملائمة محلية وإقليمية ودولية، لكن ما هو أكيد أن هناك دورا متعاظما سيكون لبكركي وللبطريرك الراعي تحديدا، تماما كما دور البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير منذ نداء الأول من أيلول 2000، والذي شكل الخطوة الأولى في تغيير المعادلات آنذاك.
ومن الجيد التذكير، أنه حين صدر نداء بكركي منذ عشرين عاما تعرض للكم ذاته من الإنتقادات والتشكيك والتخوين، على رغم أنه لم يكن هناك آنذاك جيوش إلكترونية، بل كم من الألسنة تتلقى “نشرة الدكتيلو” فتنطلق التصريحات المستنكرة والمنددة…
وبين الدكتيلو والجيوش الإلكترونية، بكركي على ثباتها، وما كانت لتتحرك لو لمست تحركا ومعالجات ومبادرات من أمكنة أخرى، لكن حين تلمس، على سبيل المثال لا الحصر، أن تعيين مأموري أحراش يحتاج إلى سنوات، وتثبيت متطوعي الدفاع المدني يحتاج إلى سنوات أيضا، وتشكيل حكومة قد يحتاج إلى سنوات ضوئية، فهل تكتفي بأن تبقى مكتوفة الأيدي؟.
ما هو مؤكد أن رأس الكنيسة المارونية قرر المبادرة والتحرك، وفي معلومات حصلت عليها ال “ال بي سي آي” أن هذا التحرك سيبدأ أولا بشرح المبادرة، وسيشمل قيادات الداخل وعواصم القرار والعواصم المعنية، سواء شخصيا أو عبر موفدين علمانيين ورجال دين، وأن هناك مجموعات ستنتظم تحت سقف بكركي لشرح مبادرتها في المغتربات، على أن يكون الطرح وطنيا لا فئويا.
وتتابع المصادر: إن ما طرحه البطريرك الراعي في النداء – المبادرة يشكل ضوءا في قلب النفق، الذي ما زال مظلما منذ 17 تشرين 2019، وازداد إسودادا في 4 آب 2020، وبدايات ال 2021 ليست مشجعة.
وتذكر المصادر بأن البطريرك الراعي لم يبق مكتوف اليدين في أزمة تشكيل الحكومة، بل قام بأكثر من مسعى بين بعبدا وبيت الوسط وميرنا شالوحي، لكنه اصطدم بتعنت جعله يحجم عن متابعة مسعاه، خصوصا أن فئة وازنة جدا في البلد اتخذت قرارا بمقاطعة الصرح منذ أكثر من سنة.
اليوم وصلنا إلى هنا، وبكركي تعتبر أن ما بعد 27 شباط ليس كما قبله، والبطريرك الراعي سائر في مبادرته إلى النهاية، آملا أن تكون هذه النهاية ترجمة لها.
وإذا كانت مبادرة بكركي خطت الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل، فإن البلد يغرق في الأرقام وفي الآلاف في رحلة كورونا، التي يبدو أن لا شيء يوقفها حتى الساعة، فاليوم تم تسجيل أربعين حالة وفاة وألفين ومئتين وثماني وخمسين إصابة. في ظل هذه الأرقام التي هي ليست وجهة نظر على الإطلاق، فإن التحدي الأكبر يتمثل بإعادة فتح قطاعات إضافية غدا، بعد سبعة أسابيع من الإقفال، فكيف سيكون المشهد اعتبارا من غد، خصوصا أن الخروقات في الأسابيع الماضية كانت بالمئات.
وما يدعو إلى التنبه جيدا، أن أعداد من أخذوا اللقاح خجولة جدا، وهي وصلت إلى خمسين ألفا معظمهم من الأطقم الطبية وكبار السن. وهذا العدد القليل جدا يدعو إلى أقصى درجات التنبه والوقاية، مع إعادة فتح البلد.
قبل الدخول في هذه التفاصيل، نشير إلى تطور خليجي بارز: أمير قطر يتصل بولي العهد السعودي، ويأتي هذا الإتصال بعد سلسلة اتصالات أجراها قادة خليجيون مع الأمير محمد بن سلمان، بعد التقرير الأميركي عن مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي.
بالتزامن مع هذا التطور، تشدد إيراني، فقد نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن دبلوماسيين كبار قولهم اليوم: إن إيران رفضت عرضا لإجراء محادثات نووية مباشرة مع الولايات المتحدة.