لم يبق للنائب جبران باسيل صديق سوى السيد حسن نصرالله، فاستعان به، في مواجهة بري والحريري وخاطبه قائلا: “انا اليوم بدي استعين بصديق هو سماحة السيد حسن نصر الله، انا اريده حكما وامينا على الموضوع، لأني اثق به وبصدقه وأأتمنه على موضوع الحقوق. يا سيد حسن، أقبل بما تقبل به انت لنفسك. هذا آخر كلام لي بالحكومة”.
باسيل يريد ان يستعين بالسيد نصرالله على بري الذي وصفه بانه “وسيط غير نزيه وبيصير غير مرغوب فيه، اذا طلع منحاز ومسيء لنا”. وتابع هجومه على بري فسأل: هل مجلس النواب ملكية خاصة فيها سند، او ماركة مسجلة لصاحبها؟
النائب باسيل نسف حكومة الثلاث تمانات: المناصفة الفعلية هي 12 ب12، بيسموهم بالتوازي والتساوي المسيحيين والمسلمين، مش 8 بيسموهم المسيحيين و16، 8 ب8 بيسموهم او بيقطروهم المسلمين. هيدي اسمها مثالثة ومرفوضة!
ومن خارج سياق الحكومة هاجم رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع، فخاطبه هكذا: “بتعتقد انت يا جعجع انك بتخفي جريمتك بسكوتك، اذا تحججت انو نحنا مش عم نعمل معركة حقوق، عم نعمل معركة مصالح؟”.
جعجع كان اعتبر أن مقولة تحصيل حقوق المسيحيين هي الكذبة الجديدة التي يطالعنا بها “التيار الوطني الحر” بعد أكاذيب التحرير وسيادة الدولة اللبنانية ومنع السلاح غير الشرعي، وبعد أكاذيب الإصلاح والتغيير. ان كل المقصود في الوقت الحاضر بكذبة تحصيل حقوق المسيحيين هو تأمين المستقبل السياسي لجبران باسيل.
الدائرة الإعلامية في “القوات” سألت اليوم: هل من المسموح لرئيس أكبر كتلة مسيحية ولديه رئاسة الجمهورية ان يستعين بالسيد نصرالله ويجعله حكما في موضوع الحكومة؟ ما هو المثال الذي يعطيه باسيل؟ هل الحكم هو السلاح أم الدستور؟
“التيار” عاد فرد على “القوات” بالقول: الذمية يا سيد جعجع هي في ما تعودت ممارسته منذ الزمن الاسرائيلي، ولا تزال، وهي ولية نعمة ما تقتنيه في قلعتك الرابضة عند تلك التلة.
بعد كلام باسيل اليوم، وقبله كلام نصرالله بالأمس، يطرح السؤال البديهي: إذا كان الصديق الذي استعان به السيد نصرالله، هو الرئيس بري، وإذا كان الصديق الذي استعان به النائب باسيل هو نصرالله، فهل رئيس الجمهورية بنظرهما لم يعد الصديق او الحكم، وإذا لم يكن رئيس الجمهورية هو الحكم، فماذا يكون؟ أين الطائف في هذه الحال عندما لا يعود رئيس الجمهورية هو الحكم؟ هل هو نسف للطائف عن سابق تصور وتصميم، تحت شعار المحافظة عليه؟
في المحصلة، كل هذا الكلام يعني ان لا حكومة، في المدى المنظور، فحتى لو قبل السيد نصرالله ان يلعب دور الصديق بين باسيل والحريري، فكيف سيكون هذا الدور؟ أليس عبر الحاج وفيق صفا والحاج حسين خليل، مع الوزير السابق علي حسن خليل؟ أليست هذه السكة هي التي كانت معتمدة على أيام “الصديق” نبيه بري؟ فلماذا تنجح اليوم وهي التي فشلت بالأمس؟
اللافت أن محطة “nbn” تجاهلت كليا في مقدمتها الإخبارية مؤتمر الأربعين دقيقة للنائب باسيل، لكن لفت قولها: “مبادرة الرئيس بري هي الوحيدة المتاحة”، فيما التزم “حزب الله” الصمت حتى الآن. فيما لفت أن محطة “المنار” لم تحدد في مقدمتها موقف الحزب من طرح باسيل.
تبقى إشارة أخيرة: إذا كان النائب باسيل يريد أن “يسمع” الرئيس المكلف، فإن الأخير كان قد أصبح في ابو ظبي أثناء المؤتمر الصحافي. هكذا، أثناء إلقاء باسيل كلمته في مجلس النواب، خرج الحريري من القاعة، وأثناء مؤتمر باسيل، خرج الحريري من البلد. يعني، لا يريد ان يسمعه، فكيف يلتقيه؟
إنها ذروة تضييع الوقت أو ملء الوقت الضائع، ولكن ليس على تخمة بل على جوع، حيث الشعب بات في جوع إلى كل شيء: الدواء، الغذاء، الكهرباء، البنزين، فهل يأكل ويشرب ويملأ خزان سيارته سجالات؟
على رغم كل هذه الصورة السوداوية، يبقى هناك بصيص أمل في السياحة الداخلية بعدما اندثرت السياحة الخارجية.