هناك أمور في هذا البلد لا يستطيع العقل فهمها، ولا ينطبق عليها أي منطق: تنجح شعبة المعلومات في تحرير طفلة من يد خاطفيها بعد ساعات على جريمة الخطف. وتنجح شعبة المعلومات في كشف ملابسات التفجير الإرهابي الذي استهدف مسؤول حركة “حماس” في صيدا. ينجح الأمن العام في توقيف الشيخ أحمد الأسير بعدما حاول الفرار، سفرا، على الرغم من تغيير ملامح وجهه. وينجح الجيش اللبناني في عملية فجر الجرود. مؤسسات عسكرية وأمنية تسجل الإنجاز تلو الإنجاز، لكن مؤتمرا لسياسيين وحزبيين وأكاديميين يجري وقفه بذريعة أمنية، وكأن ليست هناك قدرة على توفير حماية له.
بأي عقل “تركب” هذه الذريعة؟
هناك حركة جديدة اسمها “مؤتمر المبادرة اللبنانية”، وصودف ان القيمين عليها هما الدكتور فارس سعيد والدكتور رضوان السيد، يعلق مؤتمرهما الذي كان مقررا اليوم، لدواع إدارية وأمنية تبلغاها من إدارة الفندق، حيث كان يفترض ان ينعقد المؤتمر. الفندق يبعد مسافة رمية حجر عن السرايا الحكومية وعن مجلس النواب وفي منطقة الفنادق بامتياز، وحيث في كل يوم مؤتمر أو احتفال.
فمن يصدق ان هناك اعتبارات أمنية وإدارية، تحول دون عقد مؤتمر سياسي- حزبي- فكري، في هذه المنطقة المتخمة بالإجراءات والتدابير الأمنية الاستثنائية جدا والدائمة.
ما سبق من تساؤلات وهواجس، يدفع إلى الاستنتاج أو الخشية من ألا تكون الحرية بخير.
ولنفترض أن المؤتمر لا يناسب السلطة، فهل هكذا يكون الرد عليه؟، هل يدرك المانعون أن منع مؤتمر عادي يحوله إلى حدث استثنائي لاحقا؟، وقد أعلن الدكتور سعيد ان المؤتمر سيعقد لاحقا، وكتب: إن سلطة غير قادرة على حماية مؤتمر، كيف ستكون قادرة على تنظيم إجراء الانتخابات النيابية في كل لبنان في يوم واحد؟.
لا نريد ان نقارن بين ما يجري، وبين ما كان يحدث سابقا، لكن المخاوف تتصاعد، خصوصا أن المرحلة مرحلة انتخابات، مع كل ما يعني ذلك من توقع حماوة يومية.
تتزامن هذه الحماوة مع تطورات سياسية كبيرة، أبرزها وصول موفد سعودي رفيع إلى بيروت بعد غد الاثنين هو نزار العلولا. في برنامجه لقاءات بالرؤساء الثلاثة، وتوجيه دعوة رسمية الى الرئيس الحريري لزيارة المملكة. تأتي هذه الخطوة بعد الأزمة الحادة التي سادت بين المملكة والحريري، وقبل أسبوع من إعلان رئيس الحكومة مرشحيه في كل لبنان، في احتفال يقيمه في “بيت الوسط”.