لليوم الثاني على التوالي استمرت المهزلة، المأساة، الفضيحة، “الجرصة”… سموها ما شئتم، لكن لا أحد يختلف على أن ما جرى في القضاء، وأمام مكاتب مكتف للصيرفة، في عوكر، هو فضيحة بكل المقاييس.
لسنا في الحرب، ولكن في نظام، أو هكذا يفترض، حيث هناك رئيس جمهورية ورئيس حكومة تصريف أعمال ووزيرة عدل ووزير داخلية، ومع ذلك تقوم قاضية، كفت يدها، بدهم أحد المكاتب بمؤازرة من عناصر من تيار حزبي.
تنتهي القصة أمس بانسحاب القاضية… ينعقد اليوم اجتماع طارئ لدى وزيرة العدل: القضاة الأعضاء في مجلس القضاء الأعلى: سهيل عبود وغسان عويدات وركان سعد، اتخذوا الموقف نفسه بإحالة القاضية عون الى التفتيش، وكف يدها الذي صدر بإجماع مجلس القضاء الأعلى، لكن الوزيرة خالفتهم فقررت إحالة قرار كف اليد والملف إلى التفتيش.
ما كاد الاجتماع ينتهي، حتى دهمت القاضية عون للمرة الثانية مكاتب شركة مكتف، على رغم أن الملف أصبح في عهدة القاضي سامر ليشع، الذي حضر الى مكاتب مكتف، لكنه غادر بعد علمه بوجود غادة عون، التي حضرت بمؤازرة من عناصر من التيار الوطني الحر. وكما أمس كذلك اليوم، وقع إشكال ثم غادرت القاضية عون.
كيف سيتطور هذا الملف؟. وزيرة العدل بدت بعد الإجتماع في حال من القرف الشديد، وقالت: “ما حصل يوم أمس وفي الآونة الأخيرة مرفوض من قبل الجميع، ويلي بدو يزعل يزعل”. ولم يعرف من كانت تقصد بعبارة “واللي بدو يزعل يزعل”… علما أن المواطن آخر همو من يزعل ومن لا يزعل، لأنه يرى بأم العين كيف تنهار المؤسسات الواحدة تلو الاخرى، والطبقة السياسية هي المسؤولة عن هذا الإنهيار، وإن حاول كل طرف أن يلقي المسؤولية على الآخر.
المهم أن وزيرة العدل حولت الملف الى التفتيش القضائي، مع علمها أن هذه الإحالة ليست هي الحل. وفي انتظار ما سيصل إليه التفتيش القضائي، فإن الملفات المطروحة ما زالت على حالها: من تعثر تشكيل الحكومة الى التعثر في مسألة الدعم ورفع الدعم، إلى التعثر في معالجة معضلة التهريب.
أما البداية فمن فضائح القضاء وعيوبه. ومن المشكلة الحقيقية المتمثلة بهيمنة السياسة على القضاء.