فعليا، قال الرئيس نجيب ميقاتي كلمته اليوم من قصر بعبدا ومشى ….
مهلة التأليف غير مفتوحة، وليفهم من يريد ان يفهم، اعلن ميقاتي .
فالرئيس المكلف يعرف ان مفاوضات التأليف دخلت في دائرة الخطر، اي دائرة المداورة في الحقائب السيادية، وهو بعد تشبث ثنائي امل حزب الله بحقيبة المالية، ضاقت الخيارات امامه، ولكي يتفادى تحريك “وكر الدبابير”، تمسك في مهمته بمبدأ الحفاظ على نفس التوزيع المذهبي والطوائفي الذي اعتمد في الحكومة السابقة .
ليس رغبة بعدم المداورة، وانما لعلمه يقينا ان بقاء المالية مع فريق الرئيس بري يعني فعليا، تمسك رؤساء الحكومات السابقين بوزارة الداخلية، الامر الذي يرفضه رئيس الجمهورية ميشال عون المتمسك بالحقيبة، قبل اشهر قليلة من الانتخابات النيابية المقبلة.
يحاول ميقاتي ويصر على امر واحد هو الاهم: الاتيان بوزراء لكل الحقائب ولا سيما المالية والداخلية والعدل، بعيدين كل البعد عن اي ارتباطات سياسية، قادرين على انتشال البلد من الازمة المالية، وتأمين انتخابات نزيهة، تعيد الديموقراطية الحقيقية الى البلاد .
ولكن ميقاتي بالاكيد يعرف ان هذا الكباش القديم الجديد، على الاقل بالنسبة لبعبدا، يعيد المشكلة الى النقطة الاساسية.
فبعبدا لطالما ذكرت ان المبادرة التي اشرف عليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، جعلت المداورة في الحقائب السيادية شرطا من شروطها، وتاليا يفترض بمن يتمسك بها الالتزام بكل مبادئها، او على الاقل المجاهرة بالتفاوض من خارج هذه المبادرة .
فهل وصل صوت الرئيس المكلف الى اروقة القصر الجمهوري، وسط معلومات تشير الى ان شروط التأليف التي يواجهها لا تختلف عن تلك التي واجهها الرئيس الحريري، لا سيما ان ضبابية تحيط بالموقف الفرنسي الذي يبدو انه لم يتدخل بحسم حتى الساعة بين الرئيسين المعنيين بالتأليف، ما قد يدفع بالرئيس المكلف الى الاعتذار.
فعليا، انها مأساة ان يتمسك مسؤولون بحقائب، وان ينسوا جميعا انهم اوصلوا البلاد الى نقطة اللاعودة، حتى بات المواطنون يكفرون بهم، وبحقائبهم، وبوزاراتهم وفسادهم وانانيتهم .
والمأساة الاكبر ان كلهم يعرفون ان السقوط هذه المرة ، سيكون الاخير ، وسيترك خلفه جوعا، وفقرا ودمارا، وهزات امنية قد لا تختلف عما شهدته خلدة امس، وحاول الجيش ضبطه اليوم، عبر سلسلة توقيفات، لم تتدخل فيها اي جهة سياسية، ما قد يساهم في خفض التوتر وسحب فتيل ازمة كادت ان تشعل منطقة خلدة، وربما ابعد منها .
اما الفاجعة، فهي ان مسؤولينا لم يتعلموا شيئا، ولم يخجلوا لحظة من اهالي ضحايا تفجير الرابع من آب، وهو على بعد يومين من ذكراه السنوية الاولى .