عند مفترق خيارات مصيرية، مشت الحكومة في اولى خطواتها الرسمية، وتحت ضغط استحقاقات اليوروبوندز، اجتمعت الدولة لمناقشة القرار، من رؤساء ثلاثة ووزراء معنيين وقطاعات اقتصادية ومصرفية.
والخيار مزيد من المشاورات التي لن يسعفها الوقت الداهم، على ان تكون النتيجة سريعة لا متسرعة مع ما يتقاسم الآراء من تناقضات بين الساعين لدفع المستحقات والداعين الى التريث لحفظ السيولة الضرورية لتسيير حاجات الناس الضرورية.
لكن المفارقة اللبنانية أنه حتى هذه الملفات الحساسة والاختصاصية تناقش على الاعلام وفي برامج المزايدات السياسية والشعبية، فيما المطلوب ان يكون القياس بميزان الذهب لدقة المرحلة وما تعنيه من تبعات بل رسم للوجهة التي ستنتهجها الحكومة في معالجة الملفات.
واللافت ان الشركاء الاساسيين بصنع الازمة هم شركاء مفترضون اليوم بالحل، بل يقفون على تلة الناصح للدولة داعين الى سداد سندات الخزينة حفاظا على سمعة لبنان. انهم المصارف، الذين اساؤوا للبنان وسمعته وتاريخه ومستقبله بسياسات رهنت الاقتصاد وعادت لتحجز حقوق الناس وهي تطالب اليوم بسداد الديون. اليسوا هم أكبر المديونين للشعب اللبناني ، وحاجزو امواله ومدخراته؟ اليسوا هم اول من بث الهلع واصاب الاقتصاد بضربات قاتلة لغايات متفاوتة بين السياسة والاقتصاد؟ اليسوا هم من هرب الدولار الى خارج البلاد على ما يقول السياسيون في الجلسات الخاصة والعامة؟ اليسوا هم اساس الاستنسابية في التعاطي مع المودعين واصحاب القرار لسنوات بتحريك الودائع؟ والشركاء بالهندسات المالية مع المصرف المركزي؟ فهل المناسب ان ينصحوا؟ ام ان يستتروا؟ ويعودوا للنقاش الاقتصادي والمالي بعيدا عن البيانات، بل تحت اسقف الرقابة والقانون؟
ومع زحمة الاستشارات والمشاورات الداخلية كان طلب لبنان رسميا من صندوق النقد الدولي إرسال وفد تقني للمساعدة في إعداد خطة اقتصادية ونقدية ومالية، على امل الا تتدحرج الامور الى وصاية ان احسن اللبنانيون الاداء.