يبدو أن ما نجا من بيروت من تدمير الفساد والإهمال، سيتكفل بتدميره مفتعلو الشغب ومستغلو وجع الناس، والمدينة الحزينة التي أبكت الوطن والعالم على مصابها، بكت اليوم على ما تشهده شوارعها. فأي المشاهد تشفي ألم بيروت: مشهد التضامن الشعبي للملمة الجراح، أم فتح جروح جديدة والرقص عليها بكثير من الابتذال؟.
وهل المطالبة بالبحث عن المفقودين تكون بضرب الحجارة على الجيش وجنوده الذين يجهدون في عمليات الانقاذ؟، وهل بعمليات التكسير والتهديم التي تشهدها شوارع بيروت- المهدمة أصلا بفعل الانفجار- سيعاد المشردون إلى بيوتهم، أم أن مشاريع البعض لا زالت استغلال كل وجع وألم لدى الناس لمزيد من تشريد الوطن؟.
إن أحوج ما يحتاجه الوطن اليوم إلى عقلاء، وهي صفة مطلوبة من الجميع، إلا أولئك الذين تعاهدوا مع الشيطان على المضي بمشاريعهم السياسية والإعلامية إلى حدود الخراب.
الدولة المنهكة من بعض هؤلاء المحاضرين بالعفة اليوم- ممن شاركوا بسرقتها ونهبها وإفسادها- هذه الدولة تسعى بما تبقى من قواها للملمة ما أمكنها من جراح الوطن الكثيرة، وتعمل على تحقيق وضع إلى الآن ثلاثة مدراء عامين وسبعة عشر موقوفا خلف القضبان، ولا خيار لديها سوى الاستمرار لكشف كامل الملابسات، وجميع المتورطين، عسى أن يكون بذلك بعض إنقاذ للنظام بل للكيان.
وبعنوان المساعدة والإنقاذ يتوالى وصول الوفود الرسمية والعربية والدولية، من الأمين العام للجامعة العربية إلى رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي فنائب الرئيس التركي، يضاف إليها اتصال الرئيس الأميركي بالرئيس ميشال عون.
وفيما أعلن الفرنسييون عن مؤتمر المانحين لدعم لبنان بعد ظهر الغد، تواصلت المساعدات الدولية من الدول الصديقة والشقيقة، أبرزها فتح خط لامدادات النفط العراقي إلى لبنان وصلت أولى طلائعه اليوم.