لا يقل خطرا لا بل قد يزيد عن خطر الجواسيس العسكريين، إنه الفساد أو الطابور الخامس الاقتصادي، فسواء كان تحركه بايعاز من غريزة الطمع والجشع أو من جهات خارجية فالنتيجة واحدة: السرقة والعبث بالمال العام، آفة الافات في العالمين العربي والاسلامي، والمسؤول عن ابقائها تحت نير التخلف والفقر.
في لبنان، الفساد باق ويتمدد في ظل شلل سياسي، فالحكومة العتيدة لن تبصر النور قريبا في حال بقي البلد غارقا في ظلمات الخلافات والتعقيدات السياسية. فرئيس الجمهورية يؤكد أن خطة مكافحة الفساد جاهزة بانتظار الولادة الميمونة للسلطة التنفيذية، و”حزب الله” يعكف على دراسة ملفات الفساد أيضا بانتظار أن تتشكل الحكومة والارادة السياسية الجامعة بمحاربة المفسدين.
ارادة توفرت في الجمهورية الاسلامية في ايران على أعلى المستويات. أعطي الضوء الأخضر، شكلت محكمة لملاحقة من وصفوا بالمفسدين الاقتصاديين مدعومة بقرار حاسم من الامام الخامنئي بالاسراع بمحاكمة هؤلاء. وبالفعل اعتقل العشرات ومنع أمثالهم من السفر بانتظار التحقيقات، حتى لا يكونوا أداة وعونا لقرار الرئيس الأميركي بمحاربة طهران اقتصاديا.
حرب يخوضها ترامب بكل الاتجهات ضد من يعتبرهم أعداء وكذلك الأصدقاء. فالرئيس التركي يعتبر ان وراء تدهور الليرة “مؤامرة سياسية”، ويؤكد أن بلاده ستبحث عن أسواق جديدة وحلفاء جدد. ويقول: وداعا لأي شخص يضحي بشراكته الاستراتيجية، وتحالف امتد على مدى نصف قرن. ويهدد بالتعامل بالليرة التركية مع روسيا وإيران والصين. ومثله فعل بوتين الذي رد على العقوبات الأميركية بالتأكيد ان روسيا ستواصل تقليص حيازاتها من الأوراق المالية الأميركية، وستزيد من استخدام الروبل والعملات الأخرى بدلا من الدولار الأميركي.
إنها حرب العملات ترقى إلى حرب كونية. فهل تكون بداية زوال هيمنة الورقة الخضراء بعد أن تخطى تدخل العم سام في اقتصاديات العالم الخطوط الحمراء؟.