بهذه البساطة قتل جمال خاشقجي، وفق الرواية السعودية بدأ الرجل بالصراخ في القنصلية، فما كان من أحد أعضاء فريق الرياض إلا ان وضع يده على فمه فمات.
إذن قضى الصحافي بكتم النفس، إلا ان هضم الرواية، على ركاكتها، يحتاج إلى نفس عميق جدا. وبحسب الرواية، فإن الفريق ارتبك من الصراخ، فما الذي كان يخشاه هؤلاء؟ فإن كانوا قدموا للنصح فيجب ان يتحلوا بالأناة وطول البال، وإن كانوا من المحققين والأمنيين، فهل يعقل ان يربكوا أمام صراخ رجل أعزل، وهم المفروض انهم مدربون على حالات أشد تعقيدا؟ ولماذا إحضار طبيب شرعي لإقناع معارض بالعودة إلى بلاده؟ الظاهر ان الحق فقط على خاشقجي لأنه لم يتدرب على كتمان النفس لوقت طويل، كالغطاسين مثلا.
وعلى شاكلة المسلسل التلفزيوني “جزيرة الكنز وال15 قرصانا” الذين ماتوا من أجل الصندوق، يبدو ان 15 رجلا أو يزيدون، على وشك ان يقدموا أكباش فداء من أجل بقاء أمير في الحكم، وليصبح الشيء الوحيد الذي يمكن تصديقه في الرواية السعودية ان عبارة كم الأنفاس أصبحت مرادفة لكم الأفواه، فكلاهما يهدفان إلى إسكات الأصوات المعارضة.
إلا ان فكفكة اللغز يبقى بيد الأتراك، فلماذا تكشف انقرة عما لديها من معلومات بالتقسيط؟ وهل دخلت واشنطن على خط الضغوط بهدف التوصل إلى صفقة يحاسب فيها ترامب على مليارات الدولارات وابن سلمان على منصبه ورجب طيب اردوغان على مصالحه. فصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية تؤكد ان المبعوث السعودي إلى تركيا خالد الفيصل، استمع إلى تسجيل قتل وتقطيع خاشقجي في القنصلية، فهل يضيع دم الرجل بالتسويات في عهد ترامب الذي انقلب على اتفاق نووي آخر هذه المرة مع روسيا.
في لبنان، انقلاب البعض على الإيجابية التي كانت سائدة، قد يؤجل ولادة الحكومة. “حزب الله” يؤكد ان التأليف قد يكون قريبا أو بعيدا ما دام هناك “فيتو” يمكن ان تضعه جهات واحدة ويراعى خاطرها إلى آخر مجال