لم ينته الصخب الاعلامي حول اللقاحات في لبنان، فيما غليان الاسعار وصل الى حد تبخر احساس المواطن بالوجع والفقر، فبتنا في بلد كل اهله مياومون، ينتظرون يوما بيوم الخبر السياسي او المؤشر الاقتصادي او الجديد الاجتماعي، وهم يسيرون في النفق الطويل.
سياسيا لا بصيص امل الى الآن في نفق الحكومة المظلم، وسرد المظالم على الهواء والرسائل المتأرجحة يمينا وشمالا والتي لم تترك حتى اللقاح، تظهر حجم التشنج والتوتر واللعب كهواة لا مسؤولين على اوتار التأزم.
في الهاوية الاقتصادية لم يعد يخاف الغريق من البلل، فالاسعار في جنون، والشح المقصود للمواد بفعل المحتكرين يلوع اللبنانيين، أما سعر البنزين فكان ينقصه لهيب اسعار النفط العالمية.
وبعد ان احرقت الازمة الاقتصادية الكثير من ضمائر واحاسيس المحتكرين والمتحكمين، أصدر رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب قرارا بتكليف وزراء الدفاع والداخلية والمالية والاقتصاد وضع خطة لاتخاذ أقصى الإجراءات والتشدد في تطبيق تدابير مكافحة الاحتكار والغش والتلاعب بالأسعار والتهريب. وعلى اهمية القرار فان الامل بقدرة الخطة على فعل شيء، بعد أن خطت الايام القليلة الماضية على وجه لبنان واهله ما لا يطاق، رهن جدية التطبيق.
وفيما الوطن مطوق بكل اشكال الازمات، وأهله يعانون الجوع بفعل الاميركي وعقوباته وحصاره وادواته التي امعنت بنحر الاقتصاد اللبناني على مدى عقود، خرجت السفيرة الاميركية في بيروت بعقودها وحليها تستعرض على الشاشات وتكشف عن بذخ عطاياها ووقوفها الى جانب اللبنانيين، عبر توزيع الكمامات وكنس زجاج انفجار المرفأ وتلوين الجدران. وللاسف فان في الوان الطيف اللبناني من يصدقها ويهلل لها، ولم يقل احد لها اننا نعرف كيف نحارب الوباء، لكن كفوا عن تجويع الفقراء، ونحن نعرف كيف نرمم الدمار، لكن افرجوا عن صور الاقمار الصناعية واعطوها للقضاء والاجهزة الامنية المعنية بالتحقيق بانفجار مرفأ بيروت…
وبلا استعراض، عاد الى بيروت بصمت غير معهود، عاد بعد ان جال في ميادين الجهاد والنضال والفكر والتحليل باحثا عن حرية فلسطين، عاد انيس النقاش ليأنس بتراب بيروت ويرقد تحت شجرها الممدود بجذوره الى عمق فلسطين ..